«أحمد» رفّا ومطرب شعبى: «كُتر البكا يعلّم.. الغُنا»
«أحمد» يرف «بنطلون قديم» فى الدكان
داخل محل صغير لا تتعدى مساحته مترين فى مترين بمنطقة «أرض اللواء»، يجلس الشاب الثلاثينى بين قصاقيص القماش المتناثرة من حوله، ويبدو على وجهه ملامح التعب مع نهاية يوم عمل، لكنه ما زال صامداً، فيمسك بيمينه الإبرة الرفيعة المتصلة بالخيط، ويحيك البنطال محاولاً ستر رقعه بمهارة وحرفية عالية، لا يملكها إلا «صنايعى الرفة».
«أحمد مصطفى» الشهير بين أهالى المنطقة بـ«أحمد رفّا» يزاول مهنته منذ أن كان عمره 16 عاماً فى محله الذى يتوسط محال تجارية عديدة وورشاً ومخابز، فبعد أن أتم الشهادة الإعدادية، أخذه والده من يده وعرّفه على «عم أحمد»، القاطن فى إحدى حوارى شبرا ليتعلم فنون «الرّفة» على أصولها.
سر انجذاب «رفّا» للمهنة المرهقة، والرضا الذى يظهر فى نبرات صوته، سببه: «مفيش حد بيشتغلها.. فيه ترزية كتير، ومكوجية كتير، لكن قليل أوى لما تلاقى حد بيشتغل رفة، عشان كده بدأت تنقرض، ومحدش بيرضى يتعلمها، ولا بيستحملوا يوم واحد، لأنها محتاجة صبر وقوة تحمل»، يقولها «رفة».
اختيار الشاب الثلاثينى لمنطقة «أرض اللواء»، ذات الطابع الشعبى، موقعاً لدكانته لم يأت من فراغ، فهو يعلم أن سكان المناطق الشعبية، هم الأكثر حاجة إلى صنعته: «الناس اللى فى المناطق الراقية معاهم فلوس، إنما الغلبان عايز يصلّح البنطلون مرة واتنين وتلاتة»، ولم يؤت الوجود فى منطقة شعبية بثماره على المهنة فقط، إنما حبّب إلى قلبه الغناء الشعبى: «كبرت فى دماغى أعمل أغنية، وكتبت كلماتها، وسجلتها ونزلتها على موقع أغانى على اليوتيوب، واتحمّلت 9000 مرة»، يقولها مبتسماً، موضحاً أن أغنيته «دنيا الأسى»، هى «دويتو» جمعه بصديقه «تامر المصرى»، أحد مطربى الأفراح الشعبية.
«الغُنا الشعبى» لم يبعد «أحمد» عن صنعته الرئيسية، التى يعتبرها «أكل عيشه» ورزقه الحلال، أما الغناء والكتابة فهما بالنسبة له مجرد هواية يخشى التفرغ لها: «مفيهمش بركة لا فى عمل ولا فلوس»، بخلاف أنه قرر عدم ترك الإبرة والخيط إلا فى سن الأربعين، نظراً لمتاعبها وتأثيرها على عينيه.