بدلا من أن تكون انتخابات الرئاسة أول انتخابات رئاسية عربية، تحولت الانتخابات إلى أزمة كبرى: غضب شديد على شفيق والإخوان معا، وانقسام صنعته فرقتنا وتكالبنا على غنائم معركة لم تنته، وصنعته أيضا خطة تستهدف شيطنة الثورة وعدم تطهير مؤسسات الدولة والإعلام تمهيدا لشخص «قوى يعيد الأمن»! هناك حلان لابد أن يتفهمهما الإخوان لإنقاذ مصر كلها وإنقاذ أنفسهم من ورطة كبرى كانوا هم وكافة القوى الأخرى جزءا أساسيا من أسبابها:
الأول: قبول الإخوان التشارك فى السلطة بتوقيع اتفاق مكتوب يتضمن تشكيل فريق رئاسى من مرسى ونائبين بصلاحيات محددة، تتوافق القوى السياسية على اسميهما، وتسمية شخصية وطنية غير إخوانية لمنصب رئيس الوزراء والتوافق على حكومة وحدة وطنية موسعة تحكم البلاد لأربع سنوات قادمة، وتشكيل الجمعية التأسيسية واختيار 100 شخصية برئاسة شخصية وطنية من خارج البرلمان والإخوان. على أن تتم الدعاية لهذه الشخصيات معا كفريق للثورة وبشعارات جديدة. فهذه الأمور الملموسة ستساعد نشطاء حملتى أبوالفتوح وصباحى على دعم مرسى. وكتابة الاتفاق أمر شائع فى حالات الانتقال الديمقراطى وحدث بإسبانيا وفنزويلا وشيلى ودول أخرى بأمريكا اللاتينية وأفريقيا. وبأدبيات النظم السياسية الكثير من الأمثلة والوثائق التى صارت وثائق تاريخية.
الثانى: ولأن فوز هذا الفريق غير مضمون بالنظر إلى إمكانية التزوير وغضب قطاعات كبيرة من الإخوان، فإن البديل الثانى لابد أن يكون حاضرا دوما وهو العودة إلى الميادين متى تأكد تزوير الانتخابات بالجولة الأولى أو الثانية. على الإخوان وجميع القوى السياسية، رفض كل ممارسات تزييف إرداة الناخبين وحشد المظاهرات المليونية لإسقاط شفيق ومحاسبة المسئولين المتورطين فى هذه العملية، وتعديل المادة 28 لإعادة تشكيل اللجنة المشرفة وبدء عملية انتخابات رئاسية جديدة.
أخيرا أذكر بثلاثة أمور: الأول أنه حتى لو فاز مرشح الإخوان دون دعم وطنى موسع، فلن يضمن هذا له آليا ممارسة السلطة الفعلية، فكم من رئيس منتخب ديمقراطيا بلا صلاحيات لأسباب عدة (نفوذ الجيش، معارضة الخصوم، ضعف المؤسسات) وهذا أمر تعلمناه ونعلمه لطلابنا فى مقررات التحول الديمقراطى. وفى مصر أعتقد أن رئيسا إخوانيا منتخبا دون دعم الآخرين سيواجه بمعارضة أجهزة الدولة التابعة للنظام القديم، وبمعارضة بقية القوى السياسية التى ستعتبر أن الإخوان استحوذت على كل المناصب بخلاف تعهداتها القديمة، تدبروا فى هذا مليا. الثانى: حاجة الإخوان لتأييد القوى الأخرى لا تقل عن حاجة هذه القوى للتصدى لمرشح الفلول، ولهذا فلا وقت للوم المتبادل أو للخطأ فى قراءة الواقع والمخاطرة بمستقبل مصر كلها. وأخيرا القيادات الحقيقية هى القادرة على تحويل هذه الأزمة إلى فرصة حقيقية لجمع الصف وإنقاذ الثورة ومستقبل الديمقراطية بدلا من ادعاء احتكار الفهم. حان الوقت لظهور هذه القيادات داخل الإخوان وداخل حملتى أبوالفتوح وصباحى وبقية القوى السياسية.