تنويه.. هذا المقال ساخر، بس مش قوي يعني..
"كارهك يا زماني يا أواني يا مكاني، أنا عايز أعيش في كوكب تاني"، على رأي الأستاذ مدحت صالح، ما هو مفيش حل باين ياخوانا غير صاروخ يطلع بينا على أي كوكب ريحته حلوة -أنصحك بلاش طيارة - فلم تعد تجدي نفعًا أي حلول أخرى هنا على سطح كوكبنا الجميل "كَوكَو الأرض" خاصة في الصيف.. الصيف ياخوانا - الرائحة تحاصرنا من جميع الاتجاهات والرياح تأتي بما لا تشتهي الأنوف، وهؤلاء الكائنات ينتشرون ويختبئون في الأزقة، وآخرون يجاهرون بفعلتهم أمام الحيطان - وما ذنب الحيطان! - وخلف السيارات وتحت الكباري وفي الطرقات وأمام أعين المارة بكل فخر وبضمير مستريح - عيني عينك يا أخي - في مشهد غير حضاري، ولا يمت للآدمية بصلة.. يا إخوانا مايصحش كده!.
بالتأكيد هذه ليست "فزورة" بمناسبة قرب حلول رمضان كل سنة وأنتوا طيبين، وكي لا أطيل، اللي عليهم القصد والنية هم "المتبولون في الشارع" أو المواطنون "المحصورون".
هتقولولي هما رواد الفضاء لا يتبولون في أي كوكب آخر بعيد عن الأرض؟، يعنى أكيد بيعملوا كده برضه في أي كوكب بيطلعوه!.. أقولك آه بس مش هاتلاقي حد واقف بيعمل "بي بي" في الفضاء، خد عندك كمان.. رواد الفضاء يصطحبون نفاياتهم معهم للأرض بعد اختزانها في مرحاضهم الفضائي حتى لا تتسرب ويتم التخلص منها فور عودتهم إلى الأرض، قال ناقصة هي!، على العموم موضوع الكوكب ده أمنية هلامية.. ما علينا.
مبدئيًّا، الظاهرة ليست مقصورة على مصر فقط، فكما يعاني الكثير منا هنا من هذه المشكلة ذات الرائحة الكريهة، فإن العديد من الدول العربية والأوروبية تعاني أيضًا الأمرين من الكائنات "المحصورة"، هيطلع دلوقتي حد يقولى بيبقوا كبار وعيانين، لأ بقى إلا ما فيه مرة عيني لمحت بني آدم يقوم بهذه الفعلة إلا وكان "صاغ سليم"، وبعدين كل بني آدم يتعرضون لمواقف ضاغطة لم تجعل بنت - على سبيل المثال - في يوم من الأيام تقوم بهذا الفعل فى الشارع، إذا ما طبقنا مبدأ الغاية تبرر الوسيلة.
وما لا يدركه الكثيرون أن معظم سلوكيات الناس في الشارع تستوجب الحبس والغرامة، أبرزها بالطبع التبول علنًا أمام المارة من هذا الشعب المقهور الذي لا حول له ولا قوة، ويستنشق جبرًا هواء "حاجة أعوذ بالله"، فقد نسوا أو تناسوا أن هذا الفعل يعد فعلًا فاضحًا في الطريق العام، وهي جريمة يعاقب عليها القانون، وتصل عقوبتها إلى الحبس لمدة عام، ناهيك عن أفعال أخرى مقززة كإلقاء القمامة والبصق في الشارع وغيرها من السلوكيات القميئة.
التبول في الشارع أيضًا لا يعد مجرد سلوك لا يتفق مع الذوق العام والنظافة بالإضافة إلى أنه مظهر صارخ للتلوث البيئي، لكنه أيضًا يتخطى ذلك لمرتبة تصل للحرمانية، خاصة أن المتبول لا يقوم بـ"الاستنجاء" أول التطهر بالماء. بعد فراغه من قضاء حاجته بما ينافى ما أمرنا به الله والرسول الكريم من فعل التطهر الذي تقتضيه جميع العبادات والتكاليف.
ولمواجهة هذه الظاهرة، تفنن العديد من الدول التي تعانى من هذه البلوى في إيجاد حل مبتكر بعيدًا عن الغرامة والعقوبة ولافتات رجاء عدم التبول التي أصبحت لا تجدي نفعًا مع "المحصور"، ألمانيا وتحديدًا في مدينة "هامبورج" ابتكرت حلًّا "طريفًا" لمواجهة الظاهرة قامت فكرته على رد مياه البول على وجه المتبول مرة أخرى، حيث رأى القائمون على الحملة أن هذا أفضل رد وعقاب لمرتكب هذا الفعل، والذين اعتبروا أن ظاهرة التبول تمثل تشويهًا عمدًا متعمدًا لمدينتهم الجميلة.
واعتمدت العقوبة الشعبية للمتبول - إذا جاز التعبير- على طلاء مقاوم للماء قام أهالي المدينة بدهانه كلٌّ في حيه بحيث يرتد بول "المحصور" على وجهه مرة أخرى، وكان هذا هو الحل الذي اعتمدته أمريكا أيضًا عن طريق استخدام طلاء "النانو تكنولوجي" والذي يقوم بالدور نفسه في رد "البول" على "المتبول" مرة أخرى.
https://www.youtube.com/watch?v=uoN5EteWCH8
البني آدم هو البني آدم في أى مكان وفي أي زمان بمكوناته البيولوجية بسلطاته ببابا غنوجه، ففي الهند أيضًا، وخاصة في مدينة بومباي، لجأ الهنود للتصدي لهذه الظاهرة إلى شاحنات المياه الكبيرة الموصلة بخراطيم ضخمة، والتي تقوم بدورها برش المتبول في الطرقات رشًّا عنيفًا في حملة تنظيف إجبارية فرضتها كعقوبة على من يقوم بهذا الفعل.
https://www.youtube.com/watch?v=Uv6hzWYRYNE
وكان لبنجلاديش تجربة "جميلة" ومتميزة اعتمدت على الضمير الإنساني لوقف هذه الظاهرة، عن طريق استخدام اللغة العربية على الجدران في عبارات ناهية عن ذلك الفعل، والتي يعتبرونها لغة مقدسة؛ لأنها لغة القرآن الكريم، والغريب في الأمر أن الظاهرة تقلصت بالفعل، وكانت وسيلة فعالة منعت المتبولين عن الاقتراب من الجدران.
https://www.youtube.com/watch?v=1vQIRvfhqGk
بريطانيا أدلت بدلوها كذلك في هذا المجال، ولكنها ابتعدت عن العنف كسابقيها واختارت اللجوء للعقوبة المالية، وهي 75 جنيها إسترلينيًّا كعقوبة مالية للمتبول في شوارع المدينة وخاصة من المخمورين، وكانت الغرامة هي العقوبة التي ارتأتها مدينة سوانسي تحديدًا داخل مقاطعة ويلز سبيلًا لمواجهتهم.
ولجأ كل من التشيك وإسرائيل إلى عقوبة أقرب للتماشي مع مستحدثات العصر والتطور التكنولوجي، والتي تمثلت في "فضح" المتبول عن طريق تصويره بكاميرات المراقبة ورفع الفيديو على موقع "يوتيوب".
كانت هذه تجارب العديد من الدول ومحاولاتهم كلٌّ على طريقته الخاصة في مواجهة هذه الظاهرة.. طب إيه بقى؟، مصر نظامها إيه؟، القانون على الورق فقط، والمتبول يصول ويجول في الطرقات دون رادع، فما الحل إذن، لعلنا في حاجة نحن الآخرين لحل "مفتكس" يخرجنا من هذا المأزق.
ويحضرني هنا لقاء مع الفنانة رغدة بأحد البرامج التليفزيونية حكت فيه موقفًا ساخرًا يمت بصلة لما نتحدث عنه، حينما رأت شخصًا يتبول خلف شجرة وهو الأمر الذي أزعجها كثيرًا ما دفعها لإطلاق كلبها الخاص وراءه حتى يتوقف عما يفعل.
وبعيدًا عن السياق قليلًا، تداولت المواقع الإخبارية في الأيام القليلة الماضية خبرًا طريفًا بأن هناك شركات بالعديد من الدول الأوروبية على رأسها أمريكا أجبرت العاملين فيها على ارتداء حفاضات، والتقليل من شرب السوائل في أثناء عملهم، توفيرًا لوقت الذهاب إلى الحمام؛ للحفاظ على سرعة الإنتاج، وعلى قدر سخافة الخبر ومخالفته لكل المعايير القانونية والإنسانية إلا أنه على الرغم من ذلك خبر مثير للضحك، ومن ناحية أخرى يوحي لنا بفكرة مفتكسة "لماذا لا تكون الحفاضة هي الحل؟"، مع فشل جميع الحلول البيروقراطية.
الآن، أصبح لدينا خيارات من متعدد لحلول وافتكاسات للقضاء على الظاهرة، ويبقى على المسؤولين هنا الاختيار من بينها أو التفكير في طريقة جديدة تجعلنا ننبهر بها، ولو لمرة واحدة نقول لهم فيها "خطة في منتهى الذكاء يا حج خيري".
وفي الختام وحتى نكون منصفين، وكي لا نصبح عرضة للانتقاد تحت وطأة المثل الشعبي الشهير "مقدرش على الحمار اتشطر على البردعة"، أوجب ذلك عدم إلقاء اللوم فقط على المتبول، لأن هناك بالطبع مسؤولية ليست بالقليلة تقع على عاتق الحكومة بالإسهام في حل الأزمة ولو على الأقل بتوفير مراحيض عمومية في الشوارع، فأغيثونا.