يقول الله تعالى: «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها»، ويقول سبحانه: «لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها»، ويقول النبى صلى الله عليه وسلم: «كل ميسر لما خلق له». العاقل لا يحمل على ظهره حملاً ينوء به، ويكلف نفسه ما لا يطيق، ويفكر بعيداً عن إمكاناته فيطلب المستحيل، فتكون النتيجة هى السقوط السريع والمدوى، ذلك هو وضع الإخوان حين آثروا حمل «الشيلة» كاملة بسبب الطمع، وحين ظهر للناس ضعف قدراتهم، فبدوا مثل «العبد المملوك» الذى لا يقدر على شىء، فأصبح كلاً على مولاه، كما وصف القرآن الكريم، وقد أصبح الإخوان «عبئاً» على هذا الشعب، ولأنهم أصبحوا كذلك، فإن هذا الشعب يسير فى اتجاه التخلص منهم.
لا تحتاج لكى تتأكد من ذلك سوى أن تلاحظ وجوه الإخوان هذه الأيام، وقد علاها الذعر، وغدت باهتة شاحبة.. العيون غائصة فى الجماجم.. والذهن شارد لا يدرى ما يفعل، وصدق الله العظيم إذ يقول: «كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون». لم يحتج الأمر أكثر من سبعة أشهر فقط حتى ناء الإخوان بـ«حمل» الحكم، فقصم ظهورهم، وعرّى أوضاعهم، وتكشفت شخوصهم للشعب عن مجموعة من الفقاعات التى لا تجيد سوى الثرثرة اللفظية، وترديد الشعارات، والمتاجرة بكل عزيز وغال من قيم الإسلام من أجل الجلوس على كراسى الحكم. ساق الطمع والجهل «الجماعة» إلى منصات التهلكة، وكذب عليهم البعض الكذبة، حين قال لهم: إنكم الأكثر قدرة، والأعلى تنظيماً، والأجدر بوراثة الحكم بعد «المخلوع». ومن فرط السذاجة صدّق الإخوان «الكدبة»، كيف لا وهم أساتذة فى الكذب على الآخر، ومن يجيد الكذب على الآخرين، لا بد وأن يكون كذوباً مع نفسه. كانت نتيجة الطمع والجهل أن استطاع ذلك الطرف «الجهنمى» الخفى الذى أدار الأمر فى البلاد طيلة السنتين الماضيتين أن يوظف الجماعة كأداة لمرحلة انتقالية، تبوأت خلالها موقع الصدارة فى الرئاسة، والمجالس التشريعية، والدستور وخلافه، وبالغ فى إغرائهم بالمزيد، وساقهم الطمع إلى الغرق أكثر وأكثر، حتى لم يعد على ساعة القضاء سوى لحظات معدودات.
هذا الطرف الجهنمى هو من صاغ الأحداث بعد الإطاحة بالمخلوع، فمكّن للإخوان بـ«العنية»، لأنه يعلم أنهم الطرف الذى انساق إلى المشاركة فى الثورة، رغم عزوفه عن ذلك فى البداية، لأنه كان منحازاً باستمرار إلى السلطة، حتى ولو كانت سلطة «مبارك أو ابنه»، وغير منحاز البتة إلى الشعب. اختار هذا الطرف الإخوان لأنهم لم يؤمنوا بالثورة، بل حاولوا فقط استغلالها، مدفوعين بالطمع والجهل بالمعادلة الزمنية الجديدة التى نسجها خيال المصريين خلال أيام الثورة. ولعلك تذكر أن جدتنا «شجرة الدر» طمعت وجهلت وجرت وراء عرش لا تقوى على مؤنته، فانتهى بها الأمر إلى الضرب بـ«القباقيب»!.