هى بالفعل دولة هشة مفككة، وقدر النظام الحالى، والرئيس السيسى تحديداً، الاشتباك والتعامل مع كوارث وجرائم أربعين عاماً كاملة استُهدف فيها المجتمع المصرى بأسوأ مخطط شر ضد بلد.. ليس فقط فى استهداف دوره فى محيطه الإقليمى ولا العالمى، ولا فقط فى استهداف ثروته التى بناها بالعرق والدم من خلال بيعها فى سوق النخاسة التصفوية، فيما سمى بالخصخصة، ولا حتى فى استهداف وعيه عبر أخطر حملة لتزوير التاريخ وتزييف وعى أجيال كاملة، استبدلوا لهم فيها الهزائم بالانتصارات، كما حدث مثلاً مع معركة 56 وصنعوا من الإرهابيين والمجرمين والمتطرفين شهداء ومفكرين، كما فى حالتَى حسن البنا وسيد قطب، ولا حتى فقط باستهداف ثقافته وقيمه التى استقر عليها، فضربوا الذوق العام من خلال أفلام هابطة وأغان مبتذلة، وروَّجوا للتدنى من خلال استبدال «اللى معاه قرش يساوى قرش» و«اللى مش هيغنى فى عهدى لن يغنى أبداً»، و«اللى تكسب بيه العب بيه»، بقيم «العمل شرف» و«العمل واجب» و«العمل حياة» وغيرها وغيرها، بل طال الاستهداف أيضاً التربية والتعليم.. فتم إعلامياً فصل الأولى عن الثانية حتى صار الفصل واقعياً.. ونوقشت المناهج وتطويرها فى مهزلة مأساوية مع لجان أمريكية مشتركة، وضربوا، ولا نعرف كيف ضربوا الرقم القياسى فى اختيار وزراء «التربية» والتعليم فى تاريخ دول العالم، بما يعكس العشوائية والفوضى، وضربوا معهم الرقم القياسى فى عدد مرات تبديل وتعديل المناهج، وعدد مرات إلغاء الفصل الخامس وعدد مرات عودة الصف السادس الابتدائى كشهادة، وعدد مرات أنظمة الثانوية العامة، فى حين جرى مخطط آخر لتفكيك بنية المجتمع التى صنعها التجانس السكانى الخالى من إثنيات مذهبية أو قومية، كما هو الحال فى دول أخرى، فلجأوا إلى تعدد التعليم الأجنبى ليؤسسوا لتعدد الثقافات وليس للغات، ولتعدد الهويات وليس لنماذج تعليمية، ومعها ضربت العدالة الاجتماعية فى مقتل، فصار البعض بأمواله وليس بتفوقه يصبح طبيباً أو مهندساً وجاهزاً للقفز إلى وظائف مرموقة لا يستطيع الحصول عليها ولا الاقتراب منها، ولا الحلم بها أوائل المتفوقين!
ما جرى من غش وتسريب للامتحانات فى الثانوية العامة «مسخرة» لا مثيل لها تعكس انحطاطاً واستهتاراً، بل واختراقاً لمستويات وأروقة وزارة التعليم، وهى كلها حاصل سنوات من الفوضى والإهمال، وهى استهداف مباشر لمستقبل هذا البلد كان يستحق انعقاداً فورياً وخاصاً لمجلس الدفاع الوطنى الأمين لبحث والتعامل مع مصالح هذا البلد الآمِن وشعبه، وكما تنص إحدى مواد أهدافه وصلاحياته على «النظر فى الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها»، والآن نرى المستقبل كله ومعه الحاضر على مرمى الخطر!