حكاية بنت اسمها «شريفة» : بعد 54 سنة وهبت حياتى للفن
شريفة
فقدان البصر لم يكن عائقاً أمام طموحها، بل كان دافعاً لها لرفض الاستسلام لواقعها والثورة على إعاقتها وتحقيق حلمها الذى طالما حلمت به، ولدت شريفة أحمد، كفيفة، ومرت فى حياتها بمصاعب كثيرة ورحلة علاج طويلة انتهت إلى شعورها بنوع من التحسن بعد أن أصبحت ترى دون أن تكون لديها القدرة على تمييز الأشياء: «مولودة مش بشوف ودلوقتى بشوف زى الطفل اللى لسه مولود»، حالة نادرة تعامل معها الأطباء بحرص، عاشت كفيفة وعندما بلغت الـ54 عاماً استردت جزءاً ضئيلاً من بصرها: «نظرى 1 على 6، بشوف نور ربنا لكن مقدرش أميز كويس».
تلقت «شريفة» تعليمها فى مدرسة «النور والأمل» الداخلية للمكفوفين: «من صغرى وأنا بعيدة عن أهلى، مش بسمع صوتهم غير خميس وجمعة»، وفى الصف الثانى الابتدائى، التحقت بمعهد «النور والأمل للموسيقى» وكانت من الأوائل واشتركت فى تكوين فريق أوركسترا «النور والأمل» الذى بدأ عام 1961، والذى شارك فى العديد من الحفلات فى أوروبا وآسيا.
لم تتزوج «شريفة» بسبب ظروف إعاقتها وكرست حياتها للموسيقى، تعلمت عزف الكمان والأورج، فى البداية وجدت صعوبة لكنها أصبحت ماهرة فى العزف، ولقبت بـ«أصغر عازفة أورج وفيولا»، وقبل أن تصل سنها إلى الـ25، أصبحت مدرسة تربية موسيقية والمسئولة عن مكتبه المعهد، وتقوم بتحويل النوتة الموسيقية إلى طريقة «برايل» لتتمكن الفتيات الكفيفات من العزف، كما أنها عملت بالإنشاد الدينى، فقد وهبها الله بموهبة التلحين والتأليف من المواقف الحياتية التى تتعرض لها: «ربنا دايماً معايا عمره ما خذلنى»، مؤكدة أن أحد أفراد أسرتها اعترض فى بداية مشوارها على تعلمها الموسيقى بدعوى أنها حرام، لكنها أصرت: «كنت بدرس موسيقى وأحفظ قرآن فى نفس الوقت».