سروجى: «أنا من جوه شبه الحيطة المهببة.. بكح سواد»
محمد عبد الخالق
فى غرفة مظلمة، السواد يغطى جميع جدرانها وسقفها، يقف محمد عبدالخالق «سروجى»، ينظر إلى شباك غرفته التى تطل على حقل تتوسطه عدة نخلات، يقول محمد، الرجل الخمسينى، ضاحكاً، إنه لولا ذلك الشباك الذى يطل على الحقل لانتهت حياته منذ سنوات عديدة مضت، قائلاً، «أنا من جوه شبه الحيطة دى، يعنى الحيطة هتسود وأنا صدرى مش هيسود، بكح سواد».
«عبدالخالق»: «صناعة الأثاث فى دمياط قضية أمن قومى ولازم الدولة تهتم بيها»
يتحدث محمد عن عمله موضحاً أنه المسئول عن المرحلة النهائية لتجهيز الأثاث، حيث يقوم برش قطع الأثاث، حتى يصل لدرجة اللون المطلوبة، سواء كان لوناً بنياً غامقاً، أو فاتحاً أو حتى الأسود، وفى سبيل ذلك يقضى أكثر من 14 ساعة يومياً، وبالرغم من كل ذلك فإن حال ورشته فى تدهور مستمر.
يقول إن كثيراً من الورش فى قرية الشعراء بمحافظة دمياط، كان مصيرها الغلق، ولكنه لم يعرف سوى تلك المهنة طوال حياته، التى تعتبر مصدر رزقه الوحيد، مضيفاً، «كان عندى أكتر من 7 عمال، وحالياً معايا اتنين، اضطريت أشتغل من 9 الصبح لحد 1 ليلاً، علشان أعوض غياب العمال، هلاحق على أجورهم ولا أسعار الخامات».
يمسك محمد «جركن» متوسط الحجم، يحتوى على مادة البوليستر، التى تستخدم فى صناعة الأثاث، ويقول: «البوليستر كنت بجيبه بـ500 بقى بـ600 الشهر اللى فات، العلبة بتقعد معايا يومين»، ويضيف أن كافة الخامات زادت أسعارها بنسبة 20% خلال الشهر الماضى فقط، حتى برميل التنر زاد عن سعره 140 جنيه، على حد قوله.
أما الأزمة الأكبر فهى الماكينة التى يستخدمها فى الرش، حيث تعتمد على كروت الكهرباء، التى يقف طابور طويل للوصول إلى تلك الكروت.
يقول محمد، وملامح الحزن تبدو عليه: «أنا لما بعيّا مابتعالجش، مابقدرش أريح يوم، بقوم غصب عنى، هصرف على أولادى إزاى؟»، مضيفاً أن لديه 3 بنات، أكبرهن كانت طالبة ثانوية عامة العام الدراسى الماضى، «كنت بحرم نفسى وعيالى من اللقمة علشان أصرف على دروسها»، هذا ما أوضحه محمد.
كما أنه اضطر إلى اصطحاب ابنه عمر، وهو طفل فى الصف الأول الإعدادى، وذلك لمساعدته فى العمل، خاصة بعد عجزه عن دفع أجور العمال، قائلاً: «ده طفل صغير مايتحملش الشغل 12 ساعة بس هعمل إيه؟».
يؤكد محمد أن أكثر ما يسبب له القلق هو تخوفه من المرض، وهذا الحال عانى منه كثير من أبناء مهنته، الذين يعتمدون على رش الموبيليا كمصدر للرزق، خاصة أنهم بالطبع لم يحصلوا على أى تأمينات صحية، ومعظم العمال أجورهم بسيطة.