على الرغم من أن النسبة الرسمية المعلنة للفقر فى مصر تشير إلى أنها نحو 22% فإن المنظمات الدولية تشير إلى أنها تبلغ 40% فى الحضر وتصل إلى 76% فى الريف. يضاف إلى ذلك غياب كامل للصرف الصحى فى الريف بما يصل به إلى 1% فقط وعدم تمتع نحو 55 مليون مصرى بخدماته، وبالتالى فإن صرفهم الصحى يتجه بإشراف الحكومة إلى النيل والترع والمصارف، ونتجرعه سموما فى شرابنا وطعامنا ويتجرعه فقراء الريف أمراضا مباشرة تأكل أجسادهم وتنهكها. مستقبل الفقر والفقراء فى الريف أصبح متعلقا بسياسات أحد مرشحى الرئاسة على الرغم من فرضية تبعيتها لرئيس الوزراء التنفيذى والذى سيخضع بالتأكيد لسياسات الرئيس الجديد. أحد مرشحى الرئاسة عمل لست سنوات ونصف السنة فى حكومة نظيف التى اتسمت بعملها لصالح الأغنياء وضد الفقراء ومنحت زمام أمور الدولة إلى القطاع الخاص الذى حظى برعاية مباشرة من قيادتها بدءا من استيراد القمح إلى استيراد جميع احتياجات الحياة اليومية من الصين وإغلاق صناعات مصرية عريقة وتشريد عمالها بكل راحة وعدم ضمير وإغلاق ورشها الصغيرة مثل ورش تصنيع النجف والأدوات الصحية والمنزلية والكهربية -وننادى الآن برجوع الصناعات الصغيرة- وصولا إلى الحلاق والدلالة والأقمشة والملابس حتى لم يعد أمامنا إلا أن نتعلم اللغة الصينية. هذا المرشح الذى لم ندر إن كانت سياسات رفع الأسعار التى انتهجها فى وزارته هى تعليمات حكومية أم سياسة شخصية بدءا من رفع أسعار تذاكر الحج والعمرة حتى أنها تجاوزت أسعارها رحلات أوروبا التى يتجاوز وقتها أربعة أضعاف وقت رحلات العمرة مع بيع أصول كثيرة دون مبرر. الأهم أن سياسات الفقراء والبعد الاجتماعى التى غابت عن حكومة نظيف ونبهنا إليها فى حينها قد تكون غائبة أيضا عن سياسات هذا المرشح الذى يتبنى سياسات السوق دون تدخل من الدولة ودون سياسات البعد الاجتماعى والتى قد تدفع بالفقراء إلى شراء مستلزمات الحياة بنفس أسعارها فى لندن ونيويورك وباريس، فى حين أن الدخول شديدة المحلية ولا تتناسب مع أعباء الحياة. رفع الدعم عن الغذاء والمحروقات مع فرض ضرائب جديدة لا تمس رجال الأعمال وهى سياسات مبارك التى اعتقد بشأنها أنها سياسة تشجيع لمن يخلق فرصا للعمل للفقراء، بينما كانت فى الحقيقة سياسات سُخرة من المستثمرين للعمال وهو ما ظهر فى المظاهرات الفئوية بعد الثورة لانخفاض الدخول. ففى الدول الغنية يمثل الإنفاق على الطعام من 4 - 10% من الدخول، بينما يمثل فى مصر من 50 - 60%، فى حين لا يمثل إنفاق الطاقة من كهرباء ومحروقات ومواصلات فى الدول الغنية إلا 5% بينما تصل إلى 25% فى مصر.
* مستشار وزير التموين الأسبق