عندما تكون الكهرباء «حياة أو موت»
«الأمصال بمختلف أنواعها، وأدوية العقم، وعلاج الجلطات.. يمكن أن تتلف بسبب طول فترات انقطاع التيار الكهربى عن الصيدليات»، تلك هى الجملة الأكثر سيطرة على أذهان كثيرين من الصيادلة مع دخول فصل الصيف.
قالها الدكتور ميشيل صليب، صيدلانى بسوهاج، يعتبر أن فصل الصيف أصبح يعنى تكرار قطع التيار الكهربى عن الصيدليات، ما يعنى توقف «ثلاجاتها» عن العمل، وتلف ما بها من أدوية حساسة لدرجة الحرارة.
يقول ميشيل: «يوجد أنواع حقن كثيرة تتعرض للتلف بسبب انقطاع الكهرباء لمدة طويلة مثل الأنسولينات والكليبسال والأمصال، لكن عموماً الثلاجة من المفترض أنها تحتفظ لفترة بدرجة برودتها، فلو تم قطع التيار الكهربى دقائق قليلة مفيش مشكلة، إنما الكهربا بتقطع لأوقات بالساعات».
ويتسبب انقطاع الكهرباء عن الصيدليات فى مواجهة ميشيل لصعوبات فى التعامل مع الأدوية المرصوصة على الأرفف، يقول: «بيضايقنا إحنا كصيدلانيين، وبيخلينا نشتغل من غير نفس، بنشتغل لكن الشغل فى جو مظلم ممكن يخلى الصيدلى يخلط بين الأدوية ويصرف للمريض دواء غير الدواء المطلوب، ودى أحيانا ممكن تتسبب فى مصيبة، يعنى انقطاع الكهربا بيعطلنا كتير، لأنى محتاج أطلع الأدوية من على الرفوف وأتأكد إن الدوا اللى فى إيدى هو المطلوب، لأن هناك أدوية كثيرة متشابهة».
الخسارة المادية التى يتكبدها الصيادلة تقدر أحيانا بآلاف الجنيهات، فيقول الدكتور أيمن هلال، صيدلانى بالقاهرة: «هناك أنواع من الأدوية شديد الحساسية للحرارة، منه الحقن، ومنه الكبسولات المصممة بحيث يكون غلافها رقيقاً جداً، وهذه أدوية عندما تتعرض للحرارة طويلاً تتلف، وهو ما يسبب لنا خسارة بآلاف الجنيهات».
يقول هلال: «الصيدليات المتوسطة المساحة والنشيطة نوعاً ما، قد تخسر ما يربو على 10 آلاف جنيه، لوجود أدوية كثيرة يمكنها أن تتلف داخل الثلاجة، بداية من أدوية الأنسولين إلى أدوية الاكتئاب باهظة الثمن، وكل أدوية الثلاجة المستوردة التى تحتاج إلى درجات حرارة تصل إلى 5 درجات مئوية».
فى بعض الأحيان تسبب درجات الحرارة المرتفعة فى الصيف وقت انقطاع التيار الكهربى تلفيات كبيرة جداً فى الأدوية داخل الشركات أو أماكن التوزيع إذا طالت مدة انقطاع التيار، الأمر الذى دفع إحدى شركات الأدوية للدفع بمندوبى مبيعاتها، بحسب ما يقوله الصيدلى أيمن هلال، لسحب «دواء» ثبت لدى الشركة أن كميات منه تلفت نتيجة مشكلة مشابهة.
«أى صيدلية تتعرض لخسائر بسبب انقطاع التيار الكهربى»، هكذا يقول الدكتور جرجس مفيد، صيدلى بسوهاج، موضحاً: «يعنى عندى حقن المالونال سعر الواحدة 49 جنيها، العلبة فيها 10 أمبولات، بتبوظ من ركنتها فى درجة حرارة مرتفعة، فى حالة إن العلبة تتلف يعنى أنا فى ساعة واحدة ممكن أخسر مئات الجنيهات، فيه علب حقن مستوردة سعرها ألف جنيه، وأنواع أخرى كثيرة، والخسارة بتبقى بالألوف».
الصيدلى جرجس مفيد يشير إلى أن التيار الكهربى دائما ما يتم قطعه على المربع السكنى الذى تقع فيه صيدليته بسوهاج لأوقات ممتدة، يقول: «مش أقل من ساعة، خلال الساعة دى الشغل واقف، وفى وقت انقطاع التيار الكهربى بالى دايما بيكون مشغول بالأدوية اللى ممكن تبوظ فى أى وقت».
ورغم إصرار كثير من الصيادلة على أنهم ضحية قطع الحكومة للتيار الكهربى عن صيدلياتهم، فإن الصيدلى محمود فؤاد يقول إن «الصيدليات من الأساس تتحمل جزءاً كبيراً من الخطأ، لأنها لا تلتزم بشروط الوزارة فى تصميم الصيدلية».
لكن الأخطر من خسائر الصيدليات هو تأثير تلف الأدوية على المرضى الذين تنقطع الكهرباء عن مساكنهم، بما يتسبب فى تلف الأدوية التى يحفظونها فى الثلاجات، ومنهم عبدالمنعم عبدالظاهر، 50 سنة، الذى يعانى من مرض السكرى، ويتناول جرعات من الأنسولين باستمرار، يقول: «جرعة الأنسولين التى أتناولها تصبح غير ذات جدوى طبية مع مرور الوقت، وساعات آخد الحقنة محسش بأى اختلاف وأحس إنى على وشك الذهاب فى غيبوبة».
«أكتر من مرة بالفعل أرمى حقنة الأنسولين وأجيب غيرها، لأن المادة الفعالة بتكون غير مؤثرة على الإطلاق، مش بتضر ضرر مباشر لكنى باخدها أكنى مأخدتش أى جرعة، وبالتالى أنا مهدد بمضاعفات السكر»، هكذا يصف عبدالمنعم مأساته مع انقطاع التيار الكهربى.
ويرى أن «الحكومة الحالية أثبتت فشلها فى إدارة الطاقة»، ويتساءل: «لماذا لم تؤمن الحكومة احتياجات الصيف من الكهرباء؟ الحكومة الحالية تدفعنا بسبب هذا العذاب للقول بأن نار زمان أفضل من جنة الإخوان».
أم مصطفى، 37 سنة، تعانى من جلطة فى القدم، تضطرها إلى شراء علاج شهرى بقيمة 110 جنيهات، تقول: «علاج الجلطة كل شهر بيكون غالى عليا، وأحيان كتير العلاج بيتلف بسبب الكهربا وبسبب الحر، والله بقالى سنين باخد دوا للجلطة ولا بتأثر، وربنا يسترها».
وتخشى أم مصطفى دائما أن تتلف حقنة علاج الجلطة دون أن تدرى، وتصبح حينها غير مجدية، وتضيف: «جلطة يعنى موت الرجل، ولو الجلطة طلعت على نفوخى تخلص عليا، وفى الآخر كلها على الله، حتى لو ربنا سترها وقدرنا ناخد بالنا إن الحقنة تلفت، فالحقنة نفسها غالية جداً عليا، وتلفها معناه إننا نعيش على فيض الكريم لمدة شهر».
أخبار متعلقة:
أهلا بكم فى عصر "الضلمة"
«مولدات الكهرباء».. «بيزنس» يزدهر فى عصر النهضة
«اللمبة الجاز» تستعيد «هيبتها».. وتعيد للغلابة «ذكريات ما قبل الكهرباء»
«أزمة الكهرباء» تهدد «ألومنيوم نجع حمادى».. والعمال يتوعدون بثورة «خافى منا يا حكومة»
تلف الأدوية يهدد مرضى السكر والجلطات.. والصيادلة: خسائرنا من «أدوية الثلاجة»
«المخابز» مهددة بالإغلاق: الوزارة تقطع الكهرباء والتموين يحرر المحاضر ضدها.. وأصحابها: «يعنى موت وخراب ديار»
أصحاب الفنادق: تكرار انقطاعها يضر بالسياحة الوافدة ويسىء لمصر
د. محمد شاكر خبير الهندسة الكهربائية: «مصر تشهد 4 سنوات عجاف فى قطاع الكهرباء والطاقة»
الإسكندرية تنتظر "صيف خراب البيوت مستعجل»
"مقاهى الإنترنت ومحلات السلع الغذائية والمكوجية".. مهن فى خطر
هربوا من انتظار "اليأس" مع قطار الوظيفة الميرى والان قطار الحكومة يدهس "مشروعاتهم الصغيرة"