الدعم هو إحدى الوسائل التى تستخدمها الحكومات للتخفيف عن كاهل محدودى الدخل وتقليل إحساسهم بالفقر بتأمين الحد الأدنى اللازم لمستوى معيشتهم. يتحقق ذلك بتوفير السلع من غذاء ومحروقات -والخدمات من تعليم وصحة- للفقراء بأسعار تقل عن أسعارها فى الأسواق وربما تقل عن أسعار التكلفة لضمان الحد الأدنى لمتطلبات المعيشة اللازمة ولكى يبقوا منتجين. وعادة ما تقوم الدول بالمبالغة فى تقديرها لتكاليف الدعم سعيا وراء تخفيضه والتخلص منه مثلما ظهر فى دعم البوتاجاز فى موازنة 2010 بنحو 4 مليارات جنيه ليظهر فى الموازنة الحالية بنحو 12 مليارا، كما لم يظهر أى دعم من الدولة للكهرباء فى موازنة عام 2010 ليظهر بنحو 4 مليارات جنيه للموازنة الحالية!
وعندما يعلن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء زيادة نسبة الفقر خلال الأربعة عشر شهرا الماضية، متزامنة مع زيادة أسعار كافة السلع الغذائية والمعمرة، بما دفع مختلف فئات المجتمع إلى تنظيم وقفات احتجاجية لتحسين أحوالهم المالية لمواجهة ارتفاع نفقات الحياة- نفاجأ بتخطيط الدولة وإصرارها على رفع الدعم عن البوتاجاز وتطبيق نظام الكوبونات مصحوبا بمقترح جديد لبونات البنزين والسولار ليشمل الأمر رفع الدعم عن كافة أنواع المحروقات. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل امتد إلى الإعلان عن السماح لأفران إنتاج الرغيف المدعم بإنتاج رغيف فئة العشرة قروش بالإضافة إلى خبز الرصيف فئات الخمسين والمائة قرش. والأخطر من السابق هو عشوائية التطبيق فيتم الإعلان عن بدء تطبيق رفع الدعم عن البوتاجاز قبل أسبوع واحد فقط من توقيت تطبيقه دون التنسيق مع مستودعات التوزيع أو وزارات البترول والشئون الاجتماعية والتنمية المحلية والمحافظين، وكأن الدراسات السابقة والكاملة لدور كل قطاع لم تعدّ سلفا، لتجد الوزارة نفسها فى مواجهة مباشرة مع الفشل الأكيد ورفض تطبيق هذا القرار بمثل هذه العشوائية، خاصة أن الشرطة تسترد عافيتها تدريجيا، ومواطنين تثيرهم القرارات وتخرجهم للتظاهر! والغريب فى الأمر أن هناك دراسات سابقة مودعة فى أمانة مجلس الوزراء بشأن تطبيق رفع الدعم عن البنزين والسولار بزيادة رسوم ترخيص وجمارك السيارات ذات السعات العالية للمحرك بما يعادل متوسط الاستهلاك السنوى لكل سيارة بدءا من سعات ألفى سى سى فأعلى. أما دعم البوتاجاز فيتم ببساطة برفع سعر الأسطوانة إلى 12 جنيها مع مضاعفة أسعار الغاز الطبيعى للشقق لتكون 25 جنيها كحد أدنى للاستهلاك بما يوفر هذه المليارات الأربعة المزعومة، وإن تطلب الأمر يتم تحويل 2.5 مليار جنيه المخصصة لدعم الأغنياء فى صورة دعم الصادرات! تعدد أسعار السلعة الواحدة يخلق أسواقا موازية لنعيد مآسى ستينات القرن الماضى بالمتاجرة بالكوبونات إلا إذا كان ذلك تطبيقا لسياسة الأرض المحروقة.