اليوم هو الأول من شهر مايو، وفيه يحتفل العالم بعيد العمال، وهم يستحقون هذا الاحتفال، ولمَ لا والكل يدرك أنه لولا جهدهم وعملهم لما تقدّمت حضارة ولما وُجدت أصلاً. ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقى الذى خاطب العمال فى إحدى روائعه قائلاً:
أيها العمال أفنوا العمر كداً واكتساباً
واعمروا الأرض فلولا سعيكم أمست يباباً
أيها الغادون كالنحل ارتياداً وطِلاباً
فى بكور الطير للرزق مجيئاً وذهاباً
ولعل الفلاح المصرى كان أكثر الناس استجابة لهذا النداء، فبالرغم من صعاب متعددة واجهته، ولا تزال تواجهه، فقد استمر فى عشقه لتراب الأرض المصرية ورواها بعرقه، متوكلاً على ربه، فإذا بالأرض الطيبة تتجاوب معه، وتنتج فى عامنا هذا من القمح ما لم تنتجه من قبل، حتى توقع أهل الاختصاص أن يكون الإنتاج هذا العام حوالى 75% مما نحتاج إليه، وكان من قبل يغطى فقط نحواً من 40%، وإذا استمرت الزيادة بهذا الشكل فقريباً سوف تكتفى البلاد من محصول القمح بإذن الله. وفى هذا الشأن توجد ملاحظتان مهمتان: الأولى أن إعلامنا (الحر) لم يُلقِ بالاً بهذا الإنجاز وكأنما حدث -كما يقول الدكتور وزير التموين- فى «زيمبابوى» أو «بوركينافاسو»!!! الملاحظة الثانية هى المقارنة بين حرص الحكومة الحالية على دعم الفلاح كى ينتج وبين ما كانت تقوم به حكومات العهد السابق من إهمال متعمّد لتظل لقمة العيش المصرية رهينة بيد الخارج، نظير مكتسبات شخصية أو عائلية أو سياسية فاسدة.
إن العامل المصرى الذى يملأ المصانع إنتاجاً، والفلاح المصرى الذى يخرج، بإذن الله، من أرض مصر ما يحتاج إليه أهلها الطيبون، يعيشان مع أهل مصر فى ظلال قوله -عز وجل-: «كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ» (سبأ: 15).
وهكذا يمكن أن ننطلق فى كل المجالات إلى الأمام ولو خطوة واحدة كما يقول المثل الصينى الشهير «مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة»، وقد بدأت الصين مشوارها بل مشاويرها، وها هى تقترب من الوصول إلى غاياتها لتصبح أكبر اقتصاد عالمى. فهل نبدأ نحن فى مصر؟ أعلم أن صعوبات كثيرة تواجهنا، وكثير من فئات الشعب، وبخاصة العمال والفلاحين، لهم طلبات مشروعة، وإن تحقيق هذه الطلبات يحتاج إلى الجد والاجتهاد.
ونعود إلى أمير الشعراء لنملأ قلوبنا وأسماعنا من جميل نصائحه وهو يقول:
اطلبوا الحق برفق واجعلوا الواجب داباً
واستقيموا يفتح الله لكم باباً فباباً
أتقنوا يحببكم الله ويرفعكم جناباً
إن للمتقين عند الله والناس ثواباً