المتأمل فى تاريخ مصر يجد أن أيامها الخالدة وانتصاراتها المظفرة قد تحققت بفضل الله -عز وجل- ثم بسواعد الجيش المصرى مدعوماً بشعب مصر الأصيل، وكأمثلة واضحة لذلك نتذكر انتصارات عين جالوت بقيادة سيف الدين قطز، وحطين بقيادة صلاح الدين الأيوبى ونصر أكتوبر بقيادة الرئيس أنور السادات، وكلها أجراها الله على يد جنود مصر البواسل الذين دعمهم ووقف من خلفهم أبناء الشعب المصرى.
وحينما قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 ساهمت القوات المسلحة المصرية بدور واضح فى حماية البلاد وإدارتها والحفاظ على أمنها رغم الأخطاء التى ارتكبتها عناصر من قيادة القوات المسلحة أيام الثورة وبعدها، لكن المحصلة النهائية كانت انتصاراً للثورة المصرية وجماهير الشعب المصرى.
وعبر ستة استفتاءات وانتخابات (استفتاء مارس 2011 - انتخابات مجلس الشعب - انتخابات مجلس الشورى - الجولة الأولى فى الانتخابات الرئاسية - جولة الإعادة - الاستفتاء على الدستور فى ديسمبر 2012) قامت القوات المسلحة بتأمينها جميعاً وتمكن الشعب المصرى من فرض إرادته وتحقيق شرعية ديمقراطية عبر صناديق الاقتراع، وتسلم الدكتور محمد مرسى رئاسة البلاد فى الانتخابات الرئاسية التى اتصفت بشفافية ونزاهة لم تعرفها منذ إعلان الجمهورية 1953.
وبالرغم من هذه الآلية الديمقراطية الواضحة، اعترضت بعض النخب السياسية ومعها مؤيدوها، وأعربت عن اعتراضها ذاك بالعنف مرات وبالمظاهرات السلمية مرات أخرى، ثم بتوكيلات وتوقيعات تطالب بعودة الجيش لاستلام السلطة وإدارة شئون البلاد أو الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
أما الانتخابات الرئاسية المبكرة، فتتعارض بشكل مباشر مع المادة (226) من الدستور والتى نصها: «تنتهى مدة رئيس الجمهورية الحالى بانقضاء أربع سنوات من تاريخ تسلمه مهام منصبه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة أخرى»، وعلى ذلك فكل إجراء يتعارض مع هذه المادة يعتبر عبثاً بالدستور بالإضافة إلى كونه عبثاً بالعملية الديمقراطية نفسها.
ولقد تصدى القائد العام للقوات المسلحة الفريق عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع والإنتاج الحربى للدعوات غير المنطقية التى تستدعى الجيش مرة أخرى للغوص فى بحر السياسة، وقال ما مؤداه إن الانتظار فى طوابير الاقتراع خمس عشرة ساعة خير من إغراق البلاد فى الحكم العسكرى أربعين سنة مرة أخرى ، وأوضح بجلاء دور الجيش المصرى فى حفظ الأمن القومى وقال إن مشروع تنمية قناة السويس قد حافظ للقوات المسلحة على مسرح العمليات الذى تحتاجه، وفى هذا إشارة واضحة إلى العقيدة العسكرية المصرية التى تعرف من العدو حقاً الذى يجب أن نستعد له ، وصرح بشكل مباشر بأن جيش مصر هو ملك للشعب المصرى ، وأن الجيش المصرى نارٌ لا يمكن أن تحرق الشعب، فسقطت بذلك كل الدعوات غير الديمقراطية التى صدرت -وللأسف الشديد من قيادات تقول إنها تعمل من أجل الديمقراطية- ويبدو أن الفريق أول عبدالفتاح السيسى أكثر ديمقراطية من هؤلاء، فله وللجيش المصرى كل التحية.