«تامر» من «مدمن سابق» إلى «متطوع» لمساعدة المرضى: «حاسس بيهم»
«تامر» يروى تفاصيل حكايته من داخل غرفته بالمركز
تجربة أليمة مع الإدمان استمرت لأكثر من 6 سنوات، لكنه فى يوم لا ينساه أبداً خطت قدماه إلى طريق العلاج، «دخلت المركز 24 سبتمبر الماضى، عمرى ما أنسى اليوم ده فى حياتى أبداً».. ثلاثة أشهر قضاها الشاب الذى أتم عامه الـ33 داخل المركز، خرج بعدها معافى تماماً من الإدمان، ليعود إلى زوجته وطفلتيه وورشة والده للموبيليا، لكن الرحلة لم تنته عند هذا الفصل، «تامر» الذى وجد ألف يد للمساعدة داخل مركز علاج الإدمان، قرر أن يمد يده هو الآخر لمرضى يمرون بنفس تجربته، ففور أن تلقى عرضاً للتطوع بالعمل داخل المركز على مدار 3 أيام فقط من الأسبوع، استجاب فوراً، «اتصلوا بيّا بعد فترة من خروجى، قالولى انت خفيت ومحتاجينك تساعد الناس معانا اللى لسه بتتعالج، على طول وافقت»، قال الشاب المقيم فى مدينة العاشر من رمضان، وتحمس جداً للدور الجديد الذى يمكن أن يؤديه: «أكتر حد ممكن يساعدك هو الشخص اللى مر بنفس تجربتك».
يقضى نصف الأسبوع بين زوجته وطفلتيه وورشة الموبيليا.. والنصف الآخر «بيرد الجميل»
من حكم تجربته يرى أن الإدمان مرض يبدأ بعادات سيئة أولاً، ومع مرور الوقت وعدم التخلى عن هذه العادات يصبح الباب مفتوحاً على مصراعيه للإصابة بهذا المرض: «يعنى مثلاً الكدب أو السرقة أو الغش، حاجات لما الإنسان يتعود عليها بتكون عنده فرصة أكبر للاتجاه للإدمان»، مجرد سجائر ينفث دخانها كانت أول الطريق، انتقل منها إلى أنواع أخرى من الدخان، حتى وصل إلى مخدرات «المادة العالية»، حسب قوله، ويضيف: «قعدت من 6 إلى 7 سنين باخد هيروين، ووصلت لمرحلة إنى متجوز ومعايا بنتين صغيرين واحدة فى 5 ابتدائى والتانية فى 2 ابتدائى، لكن مش حاسس بيهم ولا حاسس بأى حد حواليّا، لا بيهمنى أى حد لا أهلى ولا ولادى ولا بيتى. مفيش حاجة كانت بتهمنى غير إنى أوصل للجرعة بتاعتى وأجيبها بأى طريقة.. سرقة، نصب، خناقة، المهم إنى أوصل لها»، مع مرور الوقت شعر «تامر» أنه أصبح وحيداً تماماً، وأن حياته تتحرك من سيئ إلى أسوأ، «بالمختصر بقيت منبوذ، المجتمع كله بقى رافضنى، لدرجة إنى مريت بأكتر من محاولة انتحار لأنى زهقت من حياتى، حتى جيران الشارع وزبائن الورشة ماحدش منهم بقى طايقنى»، ثوانٍ يصمت فيها حزناً على أسوأ فترة فى حياته، ثم يقول: «الأرض اللى ماشى عليها ماكنتش طايقانى»، هذه العزلة الشديدة دفعته إلى قراره بالعلاج، فهذا هو البديل الوحيد عن فكرة الانتحار التى راودته كثيراً، «والحمد لله ربنا حط لى حد فى سكتى»، حياة «تامر» حالياً المنقسمة بين مساعدة نزلاء المركز نصف الأسبوع، ومتابعة العمل فى ورشته النصف الآخر، أصبحت أفضل كثيراً ليس مقارنة بفترة تعاطيه الهيروين فحسب، لكن مقارنة بحياته السابقة كلها، «رجعت بيتى وورشتى وبدأت حياتى من جديد وبقيت أحسن من الأول، الناس فى منطقتنا بقوا يعاملونى كأنى راجع من حج أو عمرة، فرحانين بيّا، مش علشان اتعالجت من الإدمان بس، لكن علشان سلوكى كله اتغيّر»، نعم كثيرة يشكر عليها ربه خلال هذه الفترة، أهمها هى الشعور الجميل خلال الوقت الذى يقضيه بين طفلتيه الصغيرتين وزوجته، فبحسبه «أكبر نعمة بعد التعافى من الإدمان هى الإحساس الحلو بين الأسرة، بقيت قادر أحس تانى، بزوجتى وأولادى، المخدرات كانت دمرت الواحد بكل طريقة، نفسى ومادى ومعنوى، يعنى بتخلى الإنسان ميت بس لسه فيه روح ونَفس»، حياة من بعد موت، حسب وصفه، ويحاول حالياً أن يأخذ بيد آخرين مثله، كنوع من الواجب أو «رد الجميل».