البابا فرنسيس يواجه بطء الإصلاحات بعد أربع سنوات على حبريته
البابا فرنسيس
باشر البابا فرنسيس المنتخب في 2013 لإجراء إصلاحات في الفاتيكان الذي أضعفته الفضائح، ورشا عدة، لكن اندفاعته تجد صعوبة في التحول بصورة سريعة إلى واقع ملموس بعد أربع سنوات على حبريته.
وعشية حلول هذه الذكرى الاثنين في 13 مارس، ما زال البابا الأرجنتيني يثير حماسة شعبية كبيرة، بفضل لغته البسيطة وقربه من الناس، لاسيما الأكثر تواضعا بينهم. لكن داعميه أقل عددا بكثير في جهاز إدارة الفاتيكان الذي يعرف عن البابا وجها متسلطا غالبا ما يقسو عليه.
وفي كلمة القاها في كرادلة حاضرة الفاتيكان في ديسمبر لتقديم أمنياته للسنة الجديدة، تلا البابا لائحة من ثمانية عشر قرارا اصلاحيا اساسيا، مشددا على ضرورة ألا تكون مجرد "اجراء شكلي" بل أن تترافق مع "تغيير في العقلية".
لكن أسقفا أرجنتينيا قريبا من البابا قال إن الحبر الأعظم لا يستطيع أن يعول إلا على حوالى 20% من الدعم النشط داخل الجهاز التنفيذي للفاتيكان، لأن أكثرية أعربت عن ولائها بطريقة تتسم بمزيد من السلبية، فيما أبدت أقلية معارضتها. والعقبة الاخرى هي أن التغيير مسألة غير راسخة أبدا في ثقافة الكنيسة التي تعود إلى ألفي عام والتي تتبع وتيرة خاصة بها.
وشكل ملف التعديات الجنسية البالغ الحساسية دليلا الاسبوع الماضي على هذه الصعوبة المزدوجة.
واستقالت ضحية أيرلندية سابقة هي ماري كولينز من لجنة مكافحة التعديات الجنسية على الأطفال التي انشأها البابا، منددة بقلة تعاون "معيب" من مسؤولي الفاتيكان، وخصوصا من جانب "مؤتمر العقيدة والايمان" حارس العقيدة والتقاليد.
ورد رئيس المؤتمر الكاردينال الالماني المحافظ غيرهارد لودفيغ مولر، بالقول "اعتقد ان من الضروري التخلص من هذه الفكرة المسبقة التي تقول بأن هناك من جهة البابا الذي يريد الاصلاح، ومن جهة أخرى مجموعة من المعارضين الساعين إلى عرقلته".
- بابا جيد، ادارة سيئة؟ -يعتبر الخبير الفاتيكاني جياني فالنتي، المتعاون مع موقع "فاتيكان اينسايدر" للتحليلات والمتعاطف مع رسالة البابا، ان "الصورة المبسطة لبابا جيد وادارة سيئة باتت تشكل خطرا على الحبر الاعظم من خلال عزله".
كما أنها لا تنطبق دائما على حقيقة الواقع. فكثيرون في الفاتيكان يعتبرون ان بعض الاصلاحات لم تجر في شأنها مشاورات مسبقة، او عهد بها إلى اشخاص ليسوا على قدر المسؤولية.
والمثال الأبرز على ذلك يبقى توظيف المستشارة فرانشيسكا شوقي التي اوقفت في 2015 لتسليمها اثنين من الصحافيين الاف الوثائق السرية عن الوضع المالي للفاتيكان.
وكشف هذان الصحافيان لاحقا في كتبهما عن عدد من عمليات الاختلاس المالي، منها اختلاس هبات مقدمة للكنيسة ومخصصة للفقراء، لكنها استخدمت لتمويل نمط الحياة الفاخر لبعض الكرادلة. وادت هذه الاختلاسات الى محاكمة "فاتيليكس 2" التي أحرجت الفاتيكان.
ويتمحور صلب الاصلاحات حول رقابة افضل للنفقات الهائلة. لكن الكرسي الرسولي يقر بانه سيحتاج الى "بضع سنوات" إضافية لنشر حسابات موحدة مثبتة. وقال مصدر داخلي ساخرا "انها لمسألة معقدة ان تفرض معايير محاسبة مشتركة عندما لا تفعل ذلك منذ قرون".
وبعد شهر على انتخابه، شكل البابا مجلسا استشاريا من ثمانية كرادلة (اليوم تسعة) لمساعدته على اصلاح الادارة المركزية للكنيسة، من غير أن تتوافر تفاصيل كافية عن التقدم الذي تحقق حتى الان في هذا المجال.
وفي بداية 2014، انشأ البابا وزارة قوية للاقتصاد يتولاها الكاردينال الاسترالي جورج بل الذي كشف عن وجود مئات ملايين اليورو غير المرئية في الحسابات.
واثار تعيينه موجة استياء، لكن صلاحياته المطلقة التي كان يحظى بها تراجعت منذ ذلك الحين، كما يرى الخبراء الفاتيكانيون.
فقد استعادت الهيئة المشرفة على الثروة العقارية الهائلة للكنيسة ،السيطرة على انشطتها، كما يقول الخبير الفاتيكاني المحافظ ساندرو ماجستير الذي يوجه الانتقادات للبابا.
وفي المقابل، ابصرت النور وزارتان كبيرتان، ويجرى اصلاح جذري لوسائل الاعلام في الفاتيكان، على رغم الانتقادات.
وقال ساندرو ماجستير منددا ان "البابا يفتح ملفات وينشر الفوضى". واضاف أن الإصلاح الذي كان يطغى قبل أربع سنوات على الخطابات التي سبقت المجمع، "ما زال بعيدا عن تحقيق هدفه".
ودافع جياني فالنتي بالقول ان "البابا يطرح خطوطا توجيهية، هذا عمل يحتاج الى نفس طويل". واعتبر هذا الخبير الفاتيكاني ان نجاح حبريته "لا يتوقف على تحقيق نتائج خلال حياته"، مذكرا بأن ادارة الفاتيكان مجرد اداة في خدمة البابا.