يقترب دور الانعقاد الثانى لمجلس النواب من الانتهاء، إذ بدأ فى الثانى من أكتوبر الماضى (2016) وسوف تكتمل مدته فى الثانى من شهر يوليو المقبل، وحيث إن شهر رمضان المعظم يحل فى السابع والعشرين من مايو المقبل بإذن الله، فمعنى ذلك تقليص فترة النشاط والإنجاز، إذن نخلص إلى أن فترة النشاط الباقية من دور الانعقاد الحالى لن تتجاوز شهرين هما أبريل ومايو.
والسؤال الأهم هو هل يستطيع مجلس النواب إنجاز القضايا البرلمانية الحالة ذات الأبعاد الحيوية للوطن فى هذين الشهرين؟؟؟ دعونا نرصد أولاً تلك القضايا ثم نحاول تأمل ما يمكن أن ينجزه مجلسنا التشريعى منها فى شهرين.
يقضى الالتزام الدستورى فى المادة 124 بعرض مشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2017/2018 على مجلس النواب قبل انتهاء دور انعقاده، وتحليل أبعادها ومدى توافقها مع الأوضاع الاقتصادية والمجتمعية المستجدة والمتردية المتوقعة فى العام المالى المقبل، ونحن نتساءل هل سيختلف تحليل المجلس ومناقشته لمشروع الموازنة عن الأسلوب الذى تعامل به مع ميزانية العام السابق 2016/2017، الذى اهتم تقرير أمانة المجلس عن ذلك الموضوع بذكر كلمتى رئيس المجلس وأمينه العام مع تزيينه بتسع صفحات من إجمالى 34 صفحة بصور اللجان والوزراء الذين شاركوا فى الاجتماعات وصورة الأعضاء وهم يصوتون بالموافقة على مشروع الموازنة العامة برفع الأيدى، مع العلم أنه جاء فى التقرير توصية إلى الحكومة باستخدام وسائل التكنولوجيا فى ترشيد الإنفاق الحكومى بينما المجلس «الموقر» لا يستخدم التصويت الإلكترونى!!!!!
وقد حرص تقرير أمانة المجلس على رصد عدد الجلسات لكل من لجان المجلس، والساعات التى قضاها أعضاء اللجان فى تلك الاجتماعات والمناقشات، وعدد من طلبوا الكلمة وغير ذلك من المعلومات غير المتصلة بموضوع خطير مثل إقرار الموازنة العامة للدولة المصرية، وانتهى المجلس إلى إقرارها بعد سرد مجموعة من الملاحظات التقليدية ذات الصبغة الأكاديمية لم تغير من شكل الموازنة ولا مضمونها شيئاً! ومنها توصيات قديمة مثل التوصية بضرورة الانتقال إلى موازنة البرامج والأداء للربط بين الإنفاق العام وجدواه الاقتصادية، وهو النظام الذى تطبقه بعض الوزارات فعلاً!!!
وبرغم أن اللجنة التشريعية بالمجلس وافقت على اتفاقية القرض مع صندوق النقد الدولى بغض النظر عن عدم التزام الحكومة بالنص الدستورى فى المادة 127 التى تقضى بأنه لا يجوز الاقتراض، أو الحصول على تمويل، أو الارتباط بمشروع غير مدرج فى الموازنة العامة المعتمدة يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة العامة للدولة لمدة مقبلة، إلا بعد موافقة مجلس النواب، وبرغم أن كثيراً من النواب قد اعترضوا على عدم عرض الاتفاقية كاملة، وبرغم أن رئيس المجلس ذكر أن اللجنة التشريعية تنظر فقط فى دستورية الاتفاقية وأكد سيادته «أنها دستورية»، فهل ناقش المجلس قضية تضخم الدين العام الإجمالى والدين العام الخارجى بخاصة، ومحاسبة الحكومة عن أوجه إنفاق هذه المليارات المقترضة، وكيفية تدبير أقساط الديون وتكاليف خدمتها ومدى استعدادها، أى الحكومة، لتدبير هذه النفقات ومصادر التمويل عدا التجائها إلى مزيد من الاقتراض لسداد تلك الأقساط وفوائد الديون الحالية.
ثم هل ناقش المجلس عملية الاستدانة عن طريق تسويق السندات الدولارية فى الأسواق الخارجية بقيمة أربعة مليارات دولار، وهل تعرف فيما أنفقت تلك المليارات الأربعة وهل تم استخدامها فى مشاريع منتجة قادرة على توليد دخل يمكن من خلاله سداد قيمة تلك السندات وقت استحقاقها، ومعدل الفائدة عليها بالمقارنة إلى معدلات الفائدة فى حالات الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية ومصادر التمويل والإقراض الأخرى، وهل التزمت الحكومة فى طرح تلك السندات بتوجيه الرئيس السيسى بعدم الاقتراض إلا لتمويل مشروعات إنتاجية ذات جدوى عالية وقادرة على خدمة تلك القروض؟
وثمة قضايا تتصل بمدى ما حققه المجلس فى مجال ما ألزمه به الدستور فى المادة 101 بأن يتولى سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك على النحو المبين فى الدستور، والمطلوب من المجلس إعلان عدد التشريعات التى أصدرها بخلاف المشروعات بقوانين التى كان أصدرها الرئيس المؤقت عدلى منصور والرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسى فى غياب المجلس تنفيذاً للمادة 156 من الدستور فى فترة الخمسة عشر يوماً الأولى لانعقاد المجلس، بينما الأجندة التشريعية للمجلس غير معلنة، ومتى ينتهى المجلس مما يقرب من مائة مشروع قانون جديد أو معدل لتفعيل الدستور، ومتى يفى المجلس بما ألزمته المادة 241 من الدستور بإصدار قانون العدالة الانتقالية فى دور انعقاده الأول وقد انتهى دون صدوره!!! ومتى تصدر قوانين الإدارة المحلية والهيئة الوطنية للانتخابات!!!
أيضاً نريد أن نتعرف على دور المجلس فى إقرار السياسة العامة للدولة وما إذا كان شارك فى إقرار سياسة تحرير سعر الصرف، التى كانت نتيجتها خفض قيمة الجنيه المصرى بنسبة 50% على الأقل، وانخفاض قيمة دخول المصريين ومدخراتهم بذات القيمة، مع زيادة نسبة الانخفاض مع كل ارتفاع فى أسعار الدولار وغيره من العملات الأجنبية والعربية!
كما نريد معرفة نتيجة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وهل المجلس راض عن أدائها ومطمئن إلى قدرتها على السير بمصر إلى طريق الخلاص من أزماتها الاقتصادية والأمنية والمجتمعية والثقافية الطاحنة، وهل يرى المجلس أن الحكومة الحالية وبعد تعديلها فى فبراير الماضى قد تحسن أداؤها وأصبحت أكثر قدرة على تصويب السياسات والإجراءات فى كافة مجالات العمل الوطنى بما يكفل إنقاذ مصر من تردى مراكزها فى كافة المؤشرات الدولية؟ وهل اطلع المجلس على مراكز مصر المتدنية لمؤشرات 2016/2017 التى ينشرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء على موقعه الإلكترونى بشبكة الإنترنت؟
ثم نأتى إلى قضية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية وقد أفادت تصريحات الدكتور على عبدالعال فى الجلسة العامة الثلاثاء 13 مارس، وأكد فيها أن الاتفاقية وصلت إلى البرلمان، ويتم التعامل معها طبقاً للاختصاص الدستورى، مشيراً إلى أن هناك إجراءات يتم استكمالها، وبمجرد انتهاء ذلك ستتم إحالتها إلى اللجنة المختصة لدراستها، والسؤال المحورى فى هذا الشأن؛ هل يلتزم مجلس النواب بحكم المحكمة الإدارية العليا برفض الطعن الذى تقدمت به هيئة قضايا الدولة ومن ثم تأييده لحكم القضاء الإدارى ببطلان الاتفاقية؟ أو يتمسك المجلس بمقولة أنه صاحب الحق الدستورى فى حسم هذه القضية ومن ثم قد يقر بدستورية الاتفاقية وأنها لا تتعارض مع المادة 151 من الدستور، ومن يؤيد تسليم صنافير وتيران إلى المملكة باعتبارهما سعوديتين!! وماذا سيكون موقف المجلس فى تلك الحالة إزاء الغضب الشعبى المؤكد أن يثيره الإقرار بتسليم الجزيرتين إلى السعودية؟؟؟؟