من "بلاها لحمة" لـ"72 ساعة ضد الغلاء".. لماذا تفشل حملات المقاطعة؟
أرشيفية
بعد الانتشار الضخم لموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، لم يعدّ يقتصر دوره على التواصل بين الأصدقاء فقط، بل امتد لكونه ساحة كبيرة لنداءات الإغاثة والاستنكار للمصريين، وخاصة في العام الماضي، فأطلقوا العديد من الحملات مثل "بلاها لحمة.. خليها تصدي.. بلاها شبكة.. خليه يعفن" وآخرهم "72 ساعة ضد الغلاء"، للمطالبة بتخفيض الأسعار التي زادت بحجم ضخم ينهش في الرواتب البسيطة للكثيرين.
ففي فبراير 2016، دشنّ مجموعة من مستخدمي "فيس بوك" و"تويتر"، حملة لمقاطعة شراء اللحوم والدواجن، بعنوان "بلاها لحمة وفراخ"، وذلك بعد ارتفاع أسعارها، ووصول سعر كيلو اللحم لـ120 جنيها، حققت دويا ضخما، وشجعت غيرهم، في مايو الماضي، إلى إطلاق "خليها تصدي"، احتجاجا على ارتفاع أسعار السيارات بشكل جنوني، فيما دعا آخرون للتخلي عن شراء الشبكة تسهيلا للزواج الشباب، من خلال حملة "بلاها شبكة"، بعد أن تخطى سعر جرام الذهب 500 جنيه، والتي أعقبها "بلاها فرح.. خليها كتب كتاب".
وخلال الأيام الماضية، أشعلت حملة "خليها تعفن"، لمقاطعة شراء الأسماك، بعد الزيادة الضخمة في أسعارها، جدلًا ضخما لم يهدأ رماده حتى خرجت حملة "72 ساعة ضد الغلاء"، لمقاطعة شراء السلع التي ارتفعت بشكل كبير، في محاولة جديدة للتغلب على ارتفاع الأسعار وجشع كبار التجار، على أن تبدأ اليوم بمقاطعة شراء الطماطم.
ورغم تعدد تلك الحملات وتجددها طوال الوقت لمواجهة الغلاء في أشكاله المختلفة، إلا أنَّه لم تتمكن إحداهم من تحقيق هدفها وتخفيض الأسعار والضغط على التجار، وفسرّ الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، ذلك الفشل بأنه يرجع إلى غياب الدعم الحكومي لها، من خلال عقد الاجتماعات مع لتحاد الغرف التجارية لضبط الأسعار وطمس جشع التجار في رفع الأشعار لما يزيد عن 200% بعد تعويم الجنيه الذي ساهم أيضا في تأجيج الأزمة.
وتابع عبده، في تصريح لـ"الوطن"، أنَّه أيضا من أسباب فشل الحملات كونها تنادي بالمقاطعة التامة لسلع معينة، فيما ترتفع أسعار السلع المنافسة بشكل ضخم نتيجة جشع التجار، كما هو الحال أثناء حملة "بلاها لحمة" التي تسببت في رفع سعر الدجاج والأسماك، لذلك يجب أن تقوم الحملات على أساس تقليص استخدام تلك السلع وليس الامتناع عنها، لحاجة أفراد المجتمع لها، قائلا: "إذا أردت أن تطاع فاُؤمُر بما يستطاع".
وأيده في الرأي ذاته، محمود العسقلاني، مؤسس جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، قائلا إنه يجب أن تتعاطف الحكومة مع الحملات التي يطلقها أفراد المجتمع، نتيجة الضغوط الاقتصادية الضخمة مؤخرا، بسرعة التفاوض مع التجار.
وأكد أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تساهم بشكل ضخم في نشر تلك الحملات، ويرى أنه يأتي تدريجيا وتراكميا، فضلا عن كونها تحتاج بشدة أيضا إلى دعم من قبل جمعيات وجهاز حماية المستهلك لضبط ارتفاع الأسعار وجودة السلع وجشع التجار.
ولفت العسقلاني إلى أن حملة "مواطنون ضد الغلاء"، كانت من أوائل وأكثر الحملات فاعلية قبل ثورة 25 يناير، إذ أغلق بفضلها 30% من محلات الجزارة بالبلاد، مضيفا أن بعض الحملات قد تحقق مردودًا جيدًا، إلا أنها لن تتمكن من التحكم في السوق التجاري بالدرجة المنشودة وخفض الأسعار، مشيدا بالحملة التي أطلقتها مجموعة من سيدات المنازل المعروفة باسم "الستات تقدر".