طه حسين.. رائد الاستنارة
صورة تعبيرية
على بعد 300 كيلو من القاهرة وداخل قرية الكليو التابعة لمركز مغاغة فى المنيا، استقبل الوالد «حسين» طفله الصغير بين ذراعيه، همس فى أذنيه الصغيرتين مكبراً، ثم أخبر الجميع أن «طه» سيكون نصيبه من بين الأسماء. جاء «طه» إلى الدنيا وقبل أن يميز ألوانها أصيبت عيناه بداء الرمد ونتيجة لخطأ فى العلاج فقد الطفل بصره، لم يستسلم الوالد لإصابة طفله بالعمى، وأصر على إلحاقه بكتاب القرية، وتمكن الطفل من حفظ القرآن الكريم فى سن السابعة، وفى سن الـ13 سافر إلى القاهرة والتحق بالأزهر الشريف.
الالتحاق بالأزهر الشريف كان له بالغ الأثر على «طه» الذى اعتاد استخدام عقله وخياله فى جميع أمور حياته على عكس مناهج الأزهر الذى كان يعتمد شيوخه على التلقين، وبعد تخرجه فى الأزهر انتسب للجامعة المصرية وحصل على درجة الدكتوراه عن رسالته «ذكرى أبى العلاء»، والتى لاقت هجوماً فى الأوساط الدينية واتهامه بالخروج على مبادئ الدين الحنيف، ولم تكن هذه المرة الأولى التى يتهم فيها طه حسين بالخروج على مبادئ الدين، فبعد مرور 12 عاماً ألف طه حسين كتابه المثير للجدل «فى الشعر الجاهلى» وعمل فيه بمبدأ ديكارت وخلص فى استنتاجاته وتحليلاته إلى أن الشعر الجاهلى كُتب بعد الإسلام ونُسب للشعراء الجاهليين، وهو ما جعله يدخل فى صدام مع علماء الأزهر الذين قاضوه، بينما برأته المحكمة لعدم ثبوت تعمده الإساءة إلى الدين الإسلامى.