مثل أغنية وطنية لم تكتمل كانت تجربة حمدين صباحى الذى اختار النضال السياسى طريقاً منذ صباه، حاول بلورة مشروع فكرى «سياسى واقتصادى» ينطلق من ثوابت الناصرية التى طبّقها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بعد مراجعة شجاعة، اعترف فيها بشجاعة خلال حوار أجريته معه ونُشر فى صحيفة «روزاليوسف» صبيحة 30 أغسطس 2010، بأن الزعيم عبدالناصر «كان عظيم المجد والأخطاء». ظل كما عرفته منذ 25 عاماً متمسكاً بأخلاق الفرسان ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، منحته صوتى فى المرتين الأولى فى انتخابات الرئاسة عام 2012، والثانية عندما غامر بمنازلة الفريق عبدالفتاح السيسى الذى ترشح فى أجواء بطولية فى حينها بعد أن أطاح بحكم جماعة الإخوان ببيان 3 يوليو 2014 الذى انحاز لثورة جماهير 30 يونيو.
تحول حمدين صباحى إلى هدف رئيسى لكتائب الإخوان الإلكترونية فى مشارق الأرض ومغاربها بسبب قبوله الترشح فى انتخابات تعتبرها الجماعة الإرهابية وحلفاؤها باطلة لأنها بُنيت على ما سموه «انقلاب 3 يوليو»، ومع ذلك ظل «صباحى» بعد خسارته المنافسة مع «السيسى»، مسانداً وناصحاً للرئيس المنتخب، وبعد مرور عامين من حكم الرئيس الجديد، خرج «صباحى» يطالب الرئيس بشكل مهذب بتصحيح بعض السياسات ويذكّر بأن مصر بعد ثورتين تستحق حكماً أكثر رشادة وأكثر ديمقراطية، فلم يسلم من هجوم بعض أنصار الرئيس.
وبعد انتهاء العام الثالث فى ولاية الرئيس، وأثناء مؤتمر إعلان اندماج حزب الكرامة مع التيار الشعبى، أعلن «صباحى» أنه يدعو لتشكيل هيئة وطنية لاختيار مرشح مدنى لانتخابات الرئاسة المقبلة فى يوينو 2018، كما أعاد التذكير مجدداً بما أعلنه فى مرات سابقة من أنه لن يترشح مرة أخرى لأى منصب سياسى فى الدولة، مثلما رفض تولى أى منصب تنفيذى، البعض رشحه لرئاسة الوزراء فى أول حكومة للرئيس السيسى، وهذه المرة انطلق الهجوم على الرجل بشكل غير مسبوق، وتحول حمدين بقدرة قادر فى نظر بعض المتطرفين الجدد إلى «رجس من عمل الشيطان»، أعرف أن معظم هؤلاء الهجامين متطوعون، وأن الرئيس السيسى أذكى من أن يطلب من أحد تشويه سياسى وطنى مثل حمدين صباحى كل جريمته أنه أحب هذا الوطن وحاول أن يقدم له أغنية وطنية «تناسبه» لكنها لم تكتمل.. فيا أيتها الدببة المنقرضة، توقفى عن هذا العبث، فالرئيس السيسى لن ينافس نفسه فى انتخابات 2018.