اختر وظيفتك من بين القوسين: (مندوب مبيعات - سائق أوبر - موظف كول سنتر)
أحد الشباب الذى لم ينتظر الوظيفة الحكومية
ما بين الحلم بمستقبل مشرق تتحقق فيه الأمنيات، وظروف حياة مربكة تقف حائلاً أمام الطموح، تاه العديد من الشباب المصرى، كل خطوة للأمام لها حسابات ومعوقات إما أن تطول أو تدفع صاحبها إلى الخلف، هى معاناة كُتبت على الشباب كالاسم والهوية فى بطاقة الميلاد، يواجهون الكثير من الصعوبات فى رحلة تحقيق الذات، وفى النهاية لا يصل أغلبهم إلى أهدافهم إما بسبب الروتين أو عدم وجود واسطة، فيضطرون إلى البحث عن أى مصدر دخل لكى تستمر الحياة.
معوقات كثيرة يواجهها الشباب الجامعى بعد التخرج أبرزها الروتين والواسطة
«بنعافر لكن مفيش استقرار، إحنا فى دوامة تانية، مش بنبص لطموحات وتحقيق أحلام، كل تفكيرنا إننا نعدى الشهر بسلام»، كلمات محمود عبدالوهاب، يعمل مدرساً بلا عقد، وعلى الرغم من أنه مازال شاباً فى العشرين من عمره، فإنه مر بتجارب غير مستقرة فى خمس مدارس خاصة، ينتقل من التدريس من واحدة إلى أخرى دون استقرار، وكانت تلك هى أزمته والعقبة التى تقف أمامه: «أنا شاب بلا أى استقرار، بشتغل فى أماكن كتير كأننى مش بشتغل، مفيش عقد ولا حتى معاهم صورة البطاقة، بشتغل وبقبض فى شهور الدراسة بس، أما فى شهور الإجازات قاعد فى البيت بدون عمل ولا دخل».
يحكى «محمود»، 26 عاماً، عن الدوامة التى يدور فيها الشباب مثله، دوامة تعيق التدرج فى المناصب، عن الاستقرار وتحقيق الأحلام يقول: «إحنا بنبقى داخلين على الـ30 سنة، اللى عمل أسرة وكل همه يصرف عليهم، يأكلهم ويشربهم بالعافية، أنا مثلاً مرتبى ولا الهوا، 1500 جنيه، هفكر فى حلم ولّا جواز ولّا إيه؟ ولا أى حاجة».
«كامل» تخرج فى تجارة عين شمس ليعمل «حداد مسلح»
أغلب أصدقائه يعملون فى مجال الـ«كول سنتر»: «إحنا بنشتغل عشان أكل العيش مش عشان الأحلام، يعنى أنا مثلاً ممكن فى أى وقت يقولوا لى مش عايزينك، وهضطر أدوّر على شغل تانى بلا أى استقرار».
أحمد كامل، 37 عاماً، خريج كلية تجارة جامعة عين شمس بتقدير جيد منذ عام 2001، لم يتوقع أن يصبح «حداد مسلح»، بعد تخرجه قدم أوراقه فى شركات عدة دون رد: «كل محاولة توصل للمفيش، لحد ما دوّرت على أى مكسب سريع عشان خاطر أعيش، كنت لسه متخرج وعايز أكوّن نفسى، أعمل إيه كان لازم أشتغل أى حاجة والأيام جريت».
يعمل عمرو سامى، الشاب العشرينى، فى مبيعات إحدى الشركات، كما يعمل قائداً على سيارته الملاكى فى شركة خاصة، على الرغم من دراسته فى قسم اللغات إنجليزى وفرنساوى بجامعة عين شمس، لكنه ما زال يحلم أن يعمل فى مجال الترجمة واللغات، وقدم أوراقه فى أكثر من شركة دون رد مقنع، ويطمح بامتلاك مكتب ترجمة كبير، وشركة خاصة فى نفس مجاله: «فيه شرط غريب بتطلبه بعض الشركات هو الخبرة، طيب واحد لسه متخرج هيجيب خبرة عمل منين؟»، يتساءل «عمرو»، ثم يحكى عن أسباب عدم تحقيق الشباب لأحلامهم إلا متأخراً، وأحياناً لا تتحقق أبداً: «بتقابل تحديات كتير، مادية وروتين، وواسطة، فكرة الناس والشعب نفسه مش متفقة مع أفكارك وماحدش بيساعدك، الدنيا صعبة».
«حسام» يبحث عن ترخيص لـ «سيارة طعام».. و«عمرو» سائق فشل حلمه فى العمل بـ«الترجمة»
أما حسام طرطير، 26 سنة، فترك عمله فى مجال السياحة بمدينة الغردقة، كان كل حلمه هو أن يكون صاحب مطعم كبير، بدأ خطوته الأولى بعمل عربة طعام مجهزة بالشارع، لكن كل خطوة، تعتبر معاناة بالنسبة له: «عوائق كتير بتواجه الشباب وتأخر تحقيق أحلامهم، أول حاجة لو حد دور على شغل بيلاقى الرواتب ضعيفة أو مفيش أصلاً، ولو حد عايز يفتح مشروع بيواجه تعنت وصعوبة إجراءات، لا سايبينك تفتح مشروع خاص، ولا فيه وظيفة محترمة».
عانى «حسام» كثيراً من أجل الحصول على تصريح عمل على عربته: «ولما طلّعت التصريح يعتبر برضه مش تصريح، لأن هما برضه بيرخموا عليّا، يقولوا لى ماتقفش هنا، ولما بوريهم التصريح، بيقولوا لى انت بائع جائل ماينفعش تبقى ثابت فى مكان».
فكر «حسام» بعدها فى افتتاح مطعم، منه استقرار، وتوسيعاً لمجاله، ولكنه واجه صعوبات أخرى: «كان نفسى وجربت أفتح مطعم من فترة، بيقفوا لى فى الموضوع، بيقولوا لى لازم مساحة معينة، لازم تصريح مش عارف إيه، وتيجى على الترخيص يقول لك مفيش ترخيص مطاعم، قلت أفتح كافيه وأعمله مطعم قال لك مفيش ترخيص كافيه، إذا عشان أطلّع ترخيص العربية قعدت 6 شهور، هطلع ترخيص مطعم؟».
يحكى «حسام» أن كل ما حدث معه يتكرر مع آخرين: «عشان كده الشباب بيقرّب على الـ40 مش لاقى حلمه، إجراءات كتير، وروتين، مفيش رؤية، وضع البلد صعب ومفيش مساعدة لأى حد»، أصدقاء عدة لحسام قرروا السفر للخارج بعدما فقدوا الأمل: «حتى لو الراتب بره ممكن يكون قريب من هنا، بس يقول لك أعيش فى بلد نضيفة وبتقدر وخلاص».