التحرير.. يقضى ليلته بهتافات: «يسقط حكم المرشد» تحت حماية الطائرات الحربية
إنها الليلة الثانية لثورة 30 يونيو، والتى تجمع مئات الآلاف من المصريين يمثلون جميع فئات الشعب داخل ميدان التحرير، الليلة جمعت بين محافظتى الجيزة والقاهرة وجعلتهما ميداناً واحداً، الحشود امتدت من شارع التحرير فى الدقى إلى ميدان طلعت حرب.
أرض الميدان جمعت نساء مصر من ربات بيوت وطالبات وموظفات وطبيبات ومهندسات، فهن الحاضرات وممثلات المشهد الرئيسى حتى الساعات الأولى من فجر أمس الاثنين، وأنت فى الميدان تظهر لك الحركات الثورية التى نصبت الخيام فى «الصينية»، قلب الميدان، وشاركهم بقوة الفنان الشاب محمد رمضان وصعد على المنصة وهتف مع المتظاهرين: «يسقط يسقط حكم المرشد.. وارحل.. ارحل».
«الوطن» تجولت داخل الميدان واستمعت إلى طلبات المتظاهرين، والتقت بالجمعية الشعبية لحماية الأزهر والتى شنت هجوماً ضد جماعة الإخوان، متهمين أعضاءها بمحاولة اغتيال الأزهر وتسليمه للوهابيين.
«الوطن» رصدت تأمين مقر حزب الحرية والعدالة «المجاور» لمبنى وزارة الداخلية وردود فعل الضباط والمجندين والذين أقسموا جميعاً على أن يكمل الشباب ثورتهم وأنهم لن يقفوا فى مواجهة معهم. الجولة بدأت من شارع محمد محمود، ناحية باب اللوق وعبدالخالق ثروت، حيث أكملت وزارة الداخلية إغلاق الشوارع المؤدية إلى مبنى الوزارة واكتفت بوضع المتاريس الحديدية فى الشوارع، وجلس الجنود بجوار سيارات الأمن المركزى يتبادلون الحديث عن الثورتين على حد قولهم «25 يناير و30 يونيو» ومنهم من يقول إنه سوف ينهى تأدية الخدمة العسكرية بعد 25 يوماً وسيرتدى الملابس المدنية وينزع ملابسه الميرى التى تقيد حريته احتراماً لها فى التعبير عن رأيه.
«على» واحد من المجندين.. هو من مركز ملوى فى المنيا، قال لمن حوله: «يا شباب كملوا ثورتكم أنهوا حكم الإخوان، الحكم الفاشى.. أقسم بالله مش هنقف فى وجهكم وهنكون معاكم والداخلية معاكم».
إلى جوار مبنى الوزارة وعلى بعد 40 متراً، تقع فيلّا مكونة من 3 طوابق وهى مقر حزب الحرية والعدالة أطفئت أنوارها.. وبداخلها مجموعة من الأشخاص التابعين للحزب يقومون بعملية التأمين، يمسكون هواتفهم المحمولة لمتابعة الأخبار عن طريق الإنترنت.. المفاجأة التى رصدتها الجريدة هى ابتعاد قوات وزارة الداخلية من ضباط وجنود عن مبنى الحزب، وبسؤال ضابط شرطة: «إنتوا ليه قاعدين بعيد» أكد أن الوزارة أمرت بتأمين المبنى ولكن الضباط والجنود رفضوا الأمر وتقدموا بطلب للوزير لإعفائهم من هذه المأمورية، واصفين أعضاء الحزب بالفاسدين والطامعين فى السلطة. وبعيداً عن الداخلية و«محيطها» لايزال ميدان التحرير مغلقاً من ناحية شارع قصر العينى وشارع الشيخ ريحان وتم وضع بوابة تفتيش بالقرب من مسجد عمر مكرم المؤدى إلى منطقة جاردن سيتى وامتداداً إلى كوبرى قصر النيل، كما تم إغلاق الميدان من ناحية المتحف المصرى، وتابعت اللجان الشعبية من الشباب والفتيات تأدية واجبهم، وهو الاطلاع على الهوية وتفتيش الحقائب، وفى البوابة رقم 1 من ناحية كوبرى قصر النيل، احتشدت مجموعات من النساء بمختلف أعمارهن وهتفن: «ارحل يا مرسى.. ارحل ارحل ارحل» وأصيب العشرات بحالات إغماء بسبب الازدحام الشديد. وفى الشوارع الجانبية للميدان، مثل شوارع باب اللوق وطلعت حرب وقصر النيل وشارع عبدالمنعم رياض، جلس المئات على الرصيف وخرج المئات من البلكونات يحملون الأعلام المصرية والكروت الحمراء، ويبادلهم الشباب الذين يسيرون فى الشارع بالنفخ فى صافرة الحكم ومعناها هو إخراج الكارت الأحمر وانطلقت الصافرة تعلن طرد محمد مرسى من رئاسة الجمهورية وذلك لفشله فى تأدية واجبات عمله ومهام وظيفته كرئيس جمهورية، استمرت الجولة بين صفوف المتظاهرين لمدة ساعتين والنصف، حتى وصلنا إلى وسط صينية ميدان التحرير.. هناك جلسة جمعت بين رجال دين وفكر ونشطاء سياسيين داخل خيمة واحدة ومدون عليها: «الجبهة الشعبية لحماية الأزهر الشريف».. وهى جبهة حضرت للتضامن مع مطالب الشعب المصرى بالإضافة إلى تقديم مطالب الجبهة الشرعية وهى الحفاظ على هيبة الأزهر واستقلاله وعدم تسليمه إلى الوهابيين ومنع اغتيال شيخ الأزهر من قبل جماعة الإخوان وأعلنت الجبهة اعتصامها المفتوح حتى يتم عزل ورحيل مرسى وجماعة الإخوان عن الحكم. وقال عزيز وجيه إن الجبهة اعترضت بشدة على ما شنه المدعو صفوت حجازى على شيخ الأزهر والاكتفاء بعدم الرد على السفهاء فى كلامهم، وقال السيد شلبى، أستاذ بالحديث فى جامعة الأزهر بأن الجبهة لا تتحدث باسم الأزهر الشريف ولكنها جبهة شعبية وطنية الغرض منها الحفاظ على مؤسسة الأزهر والحفاظ على القلعة التى عاشت مئات السنين ملتزمة بالوسطية وبعيدة كل البعد عن الحاكم ولا تخدم تياراً بعينه، مؤكداً أن الجبهة منضم إليها عدد من الإخوة الأقباط وأنهم مستمرون مع «تمرد» بعد توقيع أعضاء الجبهة على استمارات التمرد بالكامل.
«شهداء تحت الطلب من أجل حريتك يا مصر» تزين ملابس المتظاهرين الذين قاموا بتعليق صور شهداء ثورة 25 يناير فى كافة أرجاء الميدان.. منصات صغيرة على أطراف الميدان صنعها شباب المتظاهرين تردد الهتافات المطالبة باستعادة الثورة وتحقيق أهدافها والتأكيد على عدم ترك الميدان إلا بعد تنفيذ كافة مطالبهم.. ومقاعد لكبار السن يضعها مجموعات شبابية خصصت لذوى الاحتياجات الخاصة والمسنين الذين شاركوا الشباب اعتصامهم فى الميدان حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى.
«أنا عمرى 72 سنة ومش همشى من التحرير غير بعد ما مرسى يمشى»، معاصرة محمد قنديل، مدير عام سابق بوزارة المالية لكل رؤساء مصر هى ما دفعه إلى الثورة على الرئيس محمد مرسى بعد تأكده من أنه يعمل لصالح جماعته أكثر من مصر، والدليل على ذلك -من وجهة نظره- أن كافة القرارات التى اتخذها «مرسى» من شأنها تطبيق الخلافة المزعومة التى ظلوا يبحثون عنها طوال 80 عاماً.
طائرات حربية تحلق فوق الميدان، تلقى أعلاماً صغيرة، مكتوباً عليها: «النصر لمصر»، ترتفع معها أعناق وأيدى ملايين المتظاهرين لتحيتها، الخيام البيضاء تعود مرة أخرى إلى حدائق الميدان وشوارعه الجانبية، ولجان شعبية من الشباب بدأت فى مزاولة أنشطتها فى تأمين المعتصمين والاطلاع على هوية زوار الميدان. عقارب الساعة تشير إلى الثالثة صباحاً، فيعلن ميكروفون المنصة الرئيسية عن قرب صلاة الفجر، ثم يقوم بالإعلان عن أماكن الوضوء القريبة من الميدان، ما يقرب من 20 دقيقة عاشها المتظاهرون مع ابتهالات الفجر التى أذاعها ميكروفون المنصة، ثم أذان الفجر الذى رفعه أحد شيوخ الأوقاف، أعقبه تجمع كبير من المصلين الذين رددوا أدعية الإمام التى تضرعت إلى الله بحماية مصر وإنجاح الثورة والقضاء على المتأسلمين.
أخبار متعلقة:
مصر التى فى «الميادين»
رابعة.. صلاة وسب «التحرير» فى حراسة 4 مجموعات مسلحة
الاتحادية.. احتفالات تتحول إلى مأتم بعد شهداء المقطم