الاقتصاد الأخضر نمط جديد لمختلف الأنشطة الاقتصادية العالمية التى لا تتسب فى أضرار أو تدمير للبيئة، لكونها أنشطة منخفضة الانبعاثات الغازية. ويهدف الاقتصاد الأخضر إلى إعادة تصويب الأنشطة الاقتصادية لتكون أكثر مساندة للبيئة والتنمية الاجتماعية، وقادرة على توفير حياة صحية للبشر وفى نفس الوقت تحافظ على معدلات التنمية المستدامة دون تراجع عن معدلاتها الحالية للاقتصاديات غير الخضراء. السبب فى هذا التحول أن عدد السيارات فى العالم سيتضاعف بنحو خمس مرات فى عام 2050 وتتزايد الانبعاثات الغازية بنحو 165%، بما سيؤدى إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض بنحو 6 درجات، وهذه كارثة عالمية كبيرة. هذه الارتفاعات ستؤدى إلى انخفاض إنتاجية القمح بنحو 40%، والذرة والأرز بنحو 20%، وانخفاض متوسط الإنتاج العالمى للغذاء بمختلف صنوفه بنحو 20% إذا لم يتم السيطرة عليها خلال الأربعين عاماً القادمة. تعتمد الإنارة والكهرباء المستخدمة فى قطاع الصناعة فى الاقتصاد الأخضر على تلك المولدة من الطاقة الشمسية ومن الرياح ومساقط المياه ومن جوف الأرض، وتعتمد المواصلات العامة والنقل البرى على استخدام هذه الكهرباء النظيفة عن طريق المترو وقطارات الكهرباء، بينما يعتمد باقى قطاعات النقل والمواصلات، بحريا وجويا، التى تحتاج إلى الوقود السائل على الوقود الحيوى المستخرج من النباتات والأقل ابتعاثاً للغازات الكربونية والنيتروجينية عن مثيله البترولى، بالإضافة إلى قيام هذه النباتات بإعادة امتصاص غاز ثانى أكسيد الكربون مرة أخرى أثناء نموها، وهى بذلك تمتص ما تطلقه منها. زراعتنا لنباتات الوقود الحيوى فى محافظة الوادى الجديد لمساحة 2٫5 مليون فدان تعانى من الأملاح الزائدة، ومياه آبارها عالية الملوحة، والتى لا تتأثر بها نباتات الوقود الحيوى، إلى جانب محطات الطاقة الشمسية على امتداد صحاريها تجعل مصر بئراً للطاقة النظيفة والمتجددة (كهربية وسائلة)، ولصدرناها إلى جميع دول أوروبا وأفريقيا. يتضمن الاقتصاد الأخضر أيضاً الأبنية الخضراء ذات النوافذ الكبيرة والأسقف المرتفعة التى تسمح بدخول الإضاءة لجميع الغرف طوال ساعات النهار وتسمح بتبريد الهواء وتدويره، فيقل استهلاك الكهرباء فى الإنارة وأجهزة التكييف ويقل عمل محطات التوليد وأيضاً الانبعاثات. الزراعة ليست ببعيدة عن الاقتصاد الأخضر، حيث تتسبب فى 31% من الانبعاثات الغازية العالمية سواء من زراعات الأرز أو تحلُّل السباخ والأسمدة الكيميائية أو من البرك والمستنقعات المنتشرة بكثرة فى الريف ومجارى الصرف الصحى، وتتسبب فى انتشار الحشرات الناقلة للأمراض والقاتلة مثل الملاريا الخبيثة وداء الفيل ومرض الخمول والنوم حتى الموت، وبالتالى لا بد من اخضرار الزراعة. الاقتصاد الأخضر يشمل أيضاً إعادة تدوير ومعالجة مياه الصرف الصناعى والزراعى والصحى واستحدامها لمرات، وإن إدارة هذه النفايات تستأثر حالياً بنحو 20 - 50% من ميزانيات المدن فى الدول المتقدمة وتوفر أكثر من مليون وظيفة وتحقق أرباحاً تصل إلى 236 مليار دولار.
لا بد لمصر أن تتحول إلى الاقتصاد الأخضر.