«منتصر»: «الأكشاك» بداية لدولة الأمر بالمعروف وأقول للمشايخ نحن من أجبركم على تغيير المناهج
خالد منتصر
أشعلت أكشاك الفتوى التى تم تدشينها فى محطات مترو الأنفاق حالة من الجدل والتنافر والحروب الكلامية حول جدوى وجودها فى الأماكن العامة. وتباينت ردود الفعل ما بين «محاربة الإرهاب» وضعف الدولة المدنية. «الوطن» أجرت مواجهة بين طرفين يمثلان وجهتَى النظر، الطرف الأول مثّله د. خالد منتصر، المفكر والكاتب الصحفى، الذى قال إن أكشاك الفتوى فى المترو هى بداية لولادة دولة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، معتبراً أن دولة القانون والمواطنة تتآكل، مشيراً إلى أن مصر ليست قندهار.
وأكد «منتصر» أن أزمة ظاهرة أكشاك الفتاوى تُعد تعطيلاً وتخديراً وتحنيطاً لعقل المواطن، فكتب الفقه مليئة بالآراء المتضادة والمتناقضة، وليس على الشيخ أن يعتبر إجابته هى رأى الدين وإنما رأيه الشخصى، ورأيه هذا ليس إلزاماً على أتباعه، موضحاً أن قرارات الإصلاح تبدأ بتوحيد التعليم، وانتقاد التراث ككل والكتب الأساسية منه التى يغترف منها المتطرف والإرهابى، فهذا هو الدور الذى ننتظره من الأزهر.
«أكشاك الفتوى» تجدد الصراع بين الأزهر والمثقفين
الطرف الثانى مثّله د. محيى الدين عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، الذى قال إنه لا يمكن اختزال جهود الأزهر فى مكاتب الفتوى ومراجعة وتنقيح المناهج واستحداث مقررات جديدة موجودة، مؤكداً أن مكاتب الفتوى فى محطة الشهداء تتلقى 200 سؤال يومياً، وأن التجربة لاقت نجاحاً كبيراً، وهذه المكاتب تدعم جهود الدولة فى محاربة الإرهاب من خلال تصحيح المفاهيم.
■ هل تؤيد وجود مكاتب فتوى بالمترو باعتبارها ضمن جهود تجديد الخطاب الدينى؟
- أكشاك الفتوى هى جزء من ظاهرة أكبر وهى ظاهرة تغول السلطة الدينية فى المجتمع، وهذه السلطة تحتل ببطء مساحات أكبر من الوجدان والعقل المصرى، وتحول مصر من دولة القانون إلى دولة الفتوى، فتلك الأكشاك خطوة مبدئية لدولة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»، وهناك لقطة بسيطة تعطينا دلالة مهمة وهى أن كشك الفتوى الألومنيوم الخالى من أى لمحة جمال يخفى وراءه جدارية فنية فرعونية على جدار محطة المترو، فهذه اللقطة لها دلالة وهى أننا كسلطة دينية سنستطيع أن نمحو من وجدان المصريين لمحة التاريخ والفن الفرعونى وكل ما هو سابق عن فترة إنشاء الأزهر، والسؤال من أى ميزانية قد بُنيت هذه الأكشاك؟ هذه الأكشاك بُنيت من أموالى وأموال المسيحى وكل المصريين، هل سيتم السماح بأكشاك للمسيحيين وأكشاك للشيعة وأكشاك للبهائيين؟ فنحن فى دولة قانون ومواطنة ولسنا فى قندهار، فلا بد أن نعترف أننا بعد «ثورة 30 يونيو» قد أزحنا رأس الإخوان ولكننا احتفظنا بفكرهم الذى تمدد واحتل الوجدان والعقل المصرى.
■ كيف ترى دفاع مؤسسة بالدولة عن الفكرة وإصرارها عليها كتجديد للخطاب الدينى؟
- كل مشاكل وقضايا أى مجتمع ومنها المجتمع المصرى حلها من خلال نصوص القانون فقط، وأخطر ما هو موجود فى ظاهرة أكشاك الفتاوى هو تعطيل وتخدير وتحنيط عقل المواطن المصرى ليصبح مثل الطفل الممسك بذيل جلباب أمه أينما ذهبت وبات الشيخ هو الأم التى يمسك بذيل جلبابها هذا الطفل ولا يستطيع أن يفكر إلا بالعودة إليه، وكتب الفقه مليئة بالآراء المتضادة والمتناقضة، وليس على الشيخ أن يعتبر إجابته هى رأى الدين وإنما رأيه الشخصى، ورأيه هذا ليس لزاماً علىّ أن أتبعه أو أطبقه.
الكاتب الصحفى: أحذر من تآكل دولة القانون والمواطنة
■ هذا يفتح الباب لتوضيح وجه التفرقة بين ما هو بشرى وسماوى؟
- هناك فرق بين الدين والتدين، فالدين الإلهى على العين والرأس، أما التدين فهو منتج بشرى، ليس إجباراً على أحد أن يطبقه بحذافيره ويقول إن هذا هو الدين فهناك فرق بين الدين والتدين، وأؤكد أن الدولة المدنية تتآكل فنحن لسنا فى قندهار، وللأسف دولة المواطنة والقانون تتآكل، فنحن خرجنا فى 30 يونيو على بذرة الإسلام السياسى والسلفية الوهابية، وفى هذا السياق قال شيخ أزهرى إنه يتم تحضير أكشاك فتوى فى الجامعات أيضاً.
■ ما بدائل نشر الفهم الصحيح للدين؟
- أول قرار لا بد أن يتخذ هو توحيد التعليم، فلا يوجد فى العالم ما يسمى بالتعليم المدنى وآخر دينى يضم كليات طب وهندسة وعلوم ولا يدخلها إلا المسلم، هذا لا يتوافق مع أى دستور ولا مفهوم الدولة المدنية فهذه بداية ولا بد أن نواجهها بصراحة، وثانياً: الأزهر لم يغير مناهج تعليمه للطلبة بجهده فقط وبناءً على آراء أو رغبات مشايخه ولكن غيّرها بسبب ضغط من يسميهم هو «العلمانيين» وهذه نقطة مهمة، فلولا ضغط العلمانيين وصراخهم فى الفضائيات والجرائد لما غير الأزهر صفحة ولا سطراً واحداً، فهذه نقطة مهمة حتى لا يشهر كل يوم شيخ فى وجهنا أننا غيّرنا المناهج، أنتم لم تغيروا المناهج إنما نحن الذين أجبرناكم على تغيير المناهج، ودوركم أن تنتقدوا التراث ككل والكتب الأساسية منه التى يغترف منها المتطرف والإرهابى فهذا هو الدور الذى ننتظره من الأزهر.