فى المقال الفائت، ذكرت أننى التقيت المرشد «عاكف» فى مزرعته لمناقشة تطوير أداء عمل الجماعة الذى اقترحته عليه.. وقلت إن تصور تعديل مادة أو مادتين فى اللائحة، لا يحقق نقلة نوعية أو تطويراً فى الأداء، ما لم يتم فى إطار نظرة كلية شاملة.. لذا، فإن نظرتى للتطوير تضمنت فى أساسها ٣ محاور رئيسية؛ هى: مراجعة أداء مكتب الإرشاد، ضوابط ومعايير اختيار أعضائه، وكيفية تفعيل مجلس الشورى العام.. وسوف يرى القارئ الكريم كيف كان كاتب هذه السطور حريصاً على الارتقاء بعمل الجماعة، لكن للأسف ذهبت محاولاته هباء.. واليوم ندلف مباشرة إلى العرض الذى طرحته على المرشد «عاكف»:
أولاً: مراجعة أداء مكتب الإرشاد:
ا) ضرورة ألا يتم تجاوز النائب الأول للمرشد بأى حال، خاصة إذا كان موجوداً بصفة دائمة.. ومن المستقر فقهاً، أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والنائب الأول معرض فى أى لحظة أن يتولى مهام المرشد، لذا، صار لزاماً أن يكون حاضراً وبقوة فى كل الأمور، ب) التنسيق والتفاهم الكامل بين المرشد ونائبه الأول هو من الأهمية بمكان (ملحوظة: راجع ما حدث من المرشد «عاكف» بخصوص مشروع تعديل اللائحة)، ج) أن تأخذ جلسات المكتب وهيئته حظها ونصيبها من المناقشة والحوار، وهو ما يتطلب وقتاً كافياً يساعد على إنضاج الكثير من الأفكار والرؤى.. وفى حال اكتفاء المرشد بوقت معين، فيمكن أن يستكمل النائب الأول رئاسة الجلسة إلى أن ينتهى نظر كل الموضوعات، وإذا ما توصل المكتب أو هيئته إلى قرارات، صارت نافذة، د) ضرورة أن يقوم المرشد ونائبه الأول بمتابعة الأمين العام ومشرفى القطاعات والأقسام واللجان فى كل ما يقومون به من أعمال، خاصة الخطوط العريضة.. ومن نافلة القول التذكير بأن المرشد ونائبه الأول يجب ألا يشرفا على أى قسم أو لجنة، أو حتى قطاع حتى يتفرغا لمسئولية المتابعة العامة، وهـ) فى غير أيام جلسات المكتب وهيئته، من الضرورى أن تكون هناك لقاءات يومية تجمع بين المرشد ونائبه الأول والأمين العام ومن كان موجوداً من أعضاء المكتب، وذلك لدراسة أى موضوع عاجل واتخاذ ما يلزم بشأنه من قرارات.. وهذا يتطلب عرض كل ما يخص الجماعة أولاً بأول من خلال الأمين العام على المرشد ونائبه الأول.
ثانياً: ضوابط ومعايير اختيار أعضاء مكتب الإرشاد:
ا) يشغل عضو المكتب موقعه لثمانى سنوات فقط كفترة متصلة.. وفى كل الأحوال تنتهى العضوية عند بلوغ العضو سن ٧٠ سنة، ب) ألا تتجاوز سن المرشح لمنصب المرشد ٧٠ سنة.. وفى كل الأحوال تنتهى فترة أو فترتا المرشد عند بلوغه ٧٦ سنة، ج) أن يتم اختيار نواب المرشد بنفس الطريقة التى يتم بها اختيار المرشد، وفى ذات الوقت وبنفس الشروط، د) يراعى فيمن يتم اختياره مرشداً أو نائباً للمرشد أو عضواً بمكتب الإرشاد أن يكون مؤهلاً نفسياً وعصبياً وذهنياً وبدنياً، فضلاً عن الصفات اللازمة الأخرى؛ كسعة الأفق، الرفق، الرحمة، الطاقة الإيمانية العالية، الهمة، القدرة على الحسم، الشجاعة فى إبداء الرأى، استقلالية الشخصية، التمتع بفضيلة الإنصات، أن يكون ألوفاً، خلوقاً، زاهداً، متواضعاً، تقياً، ورعاً، متصفاً بالحلم والأناة والصلابة فى الحق والبعد عن السفاسف والانشغال بعظائم الأمور، وهـ) بعد أن يقضى المرشد أو نوابه أو أعضاء مكتب الإرشاد فى مواقعهم الفترات التى حددتها اللائحة، يعودون إلى مواقعهم كأعضاء فى مجلس الشورى العام لمدة عامين.. ومن الضرورى أن تستثمر خبراتهم وتجاربهم -حسب قدراتهم وطاقاتهم- فى أعمال الجماعة، وأتصور أن المجالات التربوية والدعوية تستطيع أن تستوعب أكبر عدد منهم.
ثالثاً: تفعيل مجلس الشورى العام:
يجب أن يكون هناك فصل حقيقى بين الهيئة التشريعية والرقابية المتمثلة فى مجلس الشورى العام، والهيئة التنفيذية التى يمثلها مكتب الإرشاد وما يتبعه من مكاتب إدارية وأقسام ولجان، حتى يستطيع مجلس الشورى ممارسة مسئولياته ومهامه الواردة باللائحة على الوجه الأكمل، وحتى ينضبط إيقاع حركة الهيئة التنفيذية بما يؤدى إلى إحداث نقلة نوعية فى الأداء.. وفى تصورى أن ذلك يتطلب ما يلى:
ا) ألا يكون المرشد رئيساً لمجلس الشورى العام، وأن يترك هو ونوابه وأعضاء مكتب الإرشاد وكذلك رؤساء المكاتب الإدارية ومسئولو اللجان مواقعهم فى مجلس الشورى العام.. ويتم اختيار بدلاء عنهم من مجالس شورى المحافظات كى يحلوا محلهم، ب) ينتخب مجلس الشورى العام من بين أعضائه رئيساً له ونائباً للرئيس وأميناً للسر، ج) ينتخب مجلس الشورى العام من بين أعضائه عدد ٢٢ عضواً، إضافة للرئيس والنائب وأمين السر، وهؤلاء جميعاً يمثلون هيئة مكتب مجلس الشورى العام «هـ م م ش ع»، د) تنوب «هـ م م ش ع» عن المجلس العام فى مناقشة وإقرار السياسة العامة التى تتبعها الجماعة، والخطة العامة والوسائل التنفيذية اللازمة لها، وكذا مناقشة التقارير الدورية والسنوية التى يتقدم بها مكتب الإرشاد، هـ) يختار مجلس الشورى العام من بين أعضائه، من غير «ه م م ش ع»، لجاناً نوعية مهمتها زيارة المكاتب الإدارية للاطلاع على كفاءة الأنشطة الموجودة، وترفع هذه اللجان تقاريرها إلى «ه م م ش ع» فى نهاية كل ٣ أشهر، و) تغيير اللائحة من اختصاص مجلس الشورى العام مجتمعاً، فإن تعذر الاجتماع لظروف اضطرارية (يقررها أعضاؤه) انتقل هذا الاختصاص إلى «ه م م ش ع»، ز) تلغى المادة التى تنص على أنه: «إذا تعذر اجتماع مجلس الشورى فى الحالات الاضطرارية تنتقل صلاحياته إلى مكتب الإرشاد»، حيث يعتبر الجمع بين الصلاحيات الشورية والتنفيذية فى هيئة واحدة خللاً جسيماً يجب أن تتنزه الجماعة عنه، وأخيراً ح) يشكل مجلس الشورى العام من بين أعضائه لجاناً قانونية، يتم اختيارها ممن لهم دراية بالقانون ولوائح الجماعة ولهم خبرة فى التعاطى مع المشكلات التى يواجهها الإخوان أثناء ممارساتهم لأدوارهم التربوية والدعوية والسياسية والإدارية، فضلاً عن الخلافات الاجتماعية والاقتصادية التى تنشأ بين الأفراد.. هذه اللجان تختص بفض المنازعات بين الأفراد، والتحقيق فى الشكاوى التى ترد إليها، والتحكيم فى القضايا التى تنظرها، ولها صلاحية إصدار القرارات.. ولا شك أن هذا الأسلوب سوف يضمن حقوق الأفراد، وبأعلى قدر من النزاهة والشفافية، الأمر الذى يعلى من الثقة والارتباط بالجماعة، علاوة على أنه سيجعل إدارات التنفيذ على كافة مستوياتها منصرفة كلياً لأعمالها ومهامها.. (وللحديث بقية إن شاء الله).