«سبرتاية» فى مكتب «محمد» لتنفيذ وصية محمود درويش: «القهوة لا تُشرب على عَجَل»
«محمد» يصنع القهوة على السبرتاية فى مكتبه
«القهوة لا تُشرب على عَجَل، القهوة أخت الوقت تُحْتَسى على مهل، القهوة صوت المذاق، صوت الرائحة، القهوة تأمّل وتغلغل فى النفس وفى الذكريات»، كلمات من «ذاكرة النسيان» لمحمود درويش، يرددها الكثيرون، لكن قلة هم من يعيشونها كتفصيلة رئيسية وعميقة فى يومهم.. هكذا تسير الأمور مع محمد عثمان، المحاسب، الذى يحمل مكتبه الخاص جهاز كمبيوتر وآلة طابعة وبعض الأوراق والملفات و«سبرتاية»، تلك الأخيرة تثير استغراب المترددين على المكتب «بتعمل بيها إيه دى يا أستاذ؟»، يطرحون السؤال ليجيبهم بابتسامة: «قهوة»، مشيراً إلى الدرج المجاور الذى يحمل عبوات لأنواع مختلفة من القهوة «أفضل النوع الفاتح المحوج، والفرنسية، بس الناس أمزجة».
لا يلجأ «محمد» إلى عامل «البوفيه» لإعداد قهوته أبداً، يعدها بنفسه، حاملاً «السبرتاية» بين المنزل والعمل، كجزء لا يتجزأ من أدواته، ذلك الموقد الصغير الذى لم يكن يبارح البيوت القديمة، استعاده كطقس يومى يعطيه الكثير من الإلهام والسعادة طوال السنوات الثلاث الماضية، منذ أن بدأ استخدامها حتى الآن: «كنت باشوفها فى الأفلام والمسلسلات القديمة، لأنى باحب القهوة حبيت أجربها واشتريت واحدة، وبالفعل اكتشفت مذاق مختلف تماماً، ومن وقتها بدأت أمشى بيها فى كل مكان».
ميزات خاصة لـ«السبرتاية» يعددها «محمد»: «القهوة على السبرتاية بتدى صاحبها حكمة خاصة، أولها عدم الكروتة وعدم الاستعجال وإن كل شىء فى الدنيا محتاج وقت، عشان يطلع بمزاج، النار الهادية بتظبط القهوة والوقت بيديها طعم تانى».
فناجين وصل عددها فى بعض الأيام إلى خمسة، أصابت صاحبها بمشاكل فى القولون أجبرته على احتساء فنجان واحد فقط يومياً بأمر الطبيب: «باشربها الصبح، بعمل لنفسى ولزمايلى».
حالة عشق دفعت زملاءه لمهاداته فى عيد مولده بـ«سبرتاية» ثانية، ليترك واحدة فى منزله، ويحتفظ بالأخرى فى مقر عمله حيث يهادى من يحبهم بـ«فنجان المزاج».