تحارب المرأة منذ عام 1949 لدخول القضاء، وهو تاريخ أول رفع دعوى قضائية للمطالبة بالتعيين فى القضاء، وحملت رقم 33 لسنة 4 ق، ولم يحدث أى تطور أو النظر فى هذا الملف إلا من خلال محاولات عديدة عادة ما تنتهى بالاحتكام إلى نفس الجهة الرافضة لترفض مجدداً، إلى أن قام رئيس الجمهورية بإصدار قرار جمهورى فى 2003 بتعيين أول امرأة فى القضاء وتولت منصب نائبة للمحكمة الدستورية العليا، ثم بعد ذلك تم تعيين 30 قاضية فى 2007، ووصلن إلى 66 قاضية فقط فى عام 2015 مقابل 16 ألف قاض، ولم يشهد مجلس الدولة حتى الآن تعيين أى امرأة قاضية، وهذه نتيجة طبيعية حيث يحرم على أى فتاة حتى الآن سحب ملف مسابقة التعيين فى مجلس الدولة أو النيابة العامة، وحتى بعد أن سُمح فى 2009 للفتيات بسحب ملفات المسابقة اجتمعت الجمعية العمومية لمجلس الدولة بالمخالفة للقانون فى 15/2/2010 وقررت بأغلبية الأعضاء عدم أحقية تقديم المرأة، وأن هذا الأمر داخل اختصاصاته، وهذا ما دفع وزير العدل إلى تقديم طلب إلى المحكمة الدستورية العليا لتفسير نص البند (1) من المادة والفقرة الثالثة من المادة 83 من قانون مجلس الدولة، وذلك بناء على طلب السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء، وبعد الاطلاع على الأوراق والمداولة، قررت المحكمة فى هذه الدعوى المقيدة تحت رقم 1 لسنة 32ق «تفسير»، بأن نص المادة 73 من قانون مجلس الدولة، لم يثر خلافاً فى تطبيقه، وأن من حق أى مصرى التعيين، أما عن طلب تفسير الفقرة الثالثة من المادة 83 بأن الاختصاص بالموافقة على تعيين المندوبين المساعدين بمجلس الدولة معقود للمجلس الخاص للشئون الإدارية دون الجمعية العمومية للمجلس، أى إنه ليس من اختصاص الجمعية العمومية البت فى أمر التعيين للمرأة أو الرجل على حد سواء، إلا أن بعد هذا الحكم لم يتحرك أحد للتعيين، حتى تم النص فى الدستور المصرى صراحة على حق المرأة فى التعيين فى القضاء دون تمييز، حيث نصت المادة 11 من الدستور على أن «تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها»، وبناء على ذلك ذهبت بعض الفتيات إلى مجلس الدولة لسحب الملفات إلا أنهن فوجئن برفض من جانب العاملين فى المجلس مما دفعهن إلى عمل محضر فى قسم الشرطة، لذا قامت العديد من الشابات، منهن أمينة طاهر محمد جادالله برفع دعاوى أمام القضاء الإدارى، للطعن على قرار مجلس الدولة السلبى بالامتناع عن تسليمهن ملف الترشح أسوة بالخريجين الذكور، وقيدت برقم 30105 لسنة 60ق، فى ظل هذا ورغم تخصيص عام 2017 للمرأة تم صدور قرار جمهورى بتعيينات متعددة فى القضاء دون النظر إلى الانتهاك للدستور والتمييز ضد المرأة، لذا قامت العديد من الشابات بإرسال تظلمات إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزارة العدل ومجلس الدولة والمجلس الأعلى للقضاء والمجلس القومى للمرأة، وحتى الآن يبقى مجرد سحب الملفات ممنوعاً عن الفتيات دون سند قانونى بل بالمخالفة الصريحة للدستور والقانون، لماذا يبقى القضاء محرماً على المرأة دون غيره من المناصب العامة؟ ولماذا لم يشهد عام المرأة احترام الدستور وتعيين الشابات المتفوقات فى كلية الحقوق فى القضاء أسوة بأقرانهن من الشباب؟ وهل سيظل موقف مجلس الدولة وهو الحارس على تنفيذ الدستور مخالفاً للدستور؟ هذا ما لا نتمناه لا سيما أن مواقف مجلس الدولة كانت وما زالت مع دعم الحقوق والحريات، لذا لدىّ أمل كبير فى أن ينتصر مجلس الدولة للحقوق والعدالة والمساواة، وأن يقدم حكماً تاريخياً فى قضية الشابات المناضلات، ويضيف لأحكامه التاريخية حكماً جديداً ينتصر للعدالة والمساواة.