«الوطن» ترصد مخالفات بـ 400 مليون جنيه لشركة «أفق» بـ«صحراوى الإسكندرية»
فيلات تمت إقامتها على أراضٍ زراعية
واصلت «الوطن» رصدها لمخالفات الشركات التى حولت أراضى الدولة بطريق «مصر - إسكندرية الصحراوى»، من مستصلحة للزراعة إلى فيلات وقصور سكنية.
وتكشف الجريدة بالصور والمستندات من خلال جولتها مع المستشار صفاء أباظة، قاضى التحقيق المنتدب، فى قضايا فساد وزارة الزراعة، مخالفات شركة «أفق» المملوكة لكل من وائل شبل، ونبيل شبل، وعباس الدسوقى، ويرأس مجلس إدارة الشركة حالياً محمد النفيس، وتقدر قيمة هذه المخالفات بـ400 مليون جنيه تقريباً.
الشركة خالفت القانون بتغيير نشاط 558 فداناً من أراضٍ زراعية لـ«منتجع سكنى» وإنشاء 500 فيلا.. واللجنة عاينت الفيلات والقصور لأكثر من 3 ساعات
بداية الجولة
17 سبتمبر الماضى، كانت بداية التجهيز للمأمورية المقررة صباح اليوم التالى 18 سبتمبر، للانتقال إلى الكيلو 50 طريق مصر - إسكندرية الصحراوى، لمعاينة 558 فداناً مملوكة للشركة، ورفع إحداثيات ومساحة الأرض، والنظر فى الأنشطة المقامة على الأرض، وما إذا كانت متفقة مع البنود الواردة فى عقود البيع المبرمة بين الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية والشركة، أم تم تغيير نشاطها للاستثمار السكنى والعقارى.
وشهدت الأيام السابقة على التحرك للمعاينة اتخاذ قاضى التحقيق عدداً من الإجراءات، بدأها بمخاطبة اللواء كمال الدالى، محافظ الجيزة، لتشكيل لجنة من إدارة أملاك المحافظة لحضور المعاينة، ومخاطبة مديرية أمن الجيزة، لتوفير قوة تأمين للمأمورية.
العاشرة صباح 18 سبتمبر، كان بداية تجمع أعضاء اللجنة المشكلة بقرار قاضى التحقيق لمعاينة الأرض، داخل محطة «وقود موبيل» الواقعة على طريق مصر - إسكندرية الصحراوى، بجوار «داندى مول»، لبدء تنفيذ المأمورية.
كان على رأس اللجنة قاضى التحقيق نفسه، المستشار صفاء أباظة، بينما ضمت اللجنة كلاً من المهندس عمرو حسين، بإدارة الملكية والتصرف بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، و3 خبراء من جهاز الكسب غير المشروع بوزارة العدل، هم المهندس وليد محروس، والمهندس حسن عبدالفتاح، والدكتور محمد خالد، والمساح محمود أبوطالب، والمساح إبراهيم عباس، ممثلين لهيئة التعمير والتنمية الزراعية، والمقدم محمد سعيد من مباحث الأموال العامة، وأعضاء مكتب قاضى التحقيق، أحمد حمادة، ووائل حسنين.
انتظرت اللجنة وصول قوات التأمين من أفراد الشرطة، وكان ملاحظاً زيادة عدد أفرادها عن المأموريات السابقة، لأسباب تتعلق برفض عدد من أصحاب الفيلات والقصور، فى السابق، معاونة مسئولى «التعمير والتنمية الزراعية» فى رفع إحداثيات ومساحات المبانى السكنية والأراضى المنزرعة، ومنعهم من دخول الفيلات والقصور.
فى الثانية عشرة والربع ظهراً، تحركت اللجنة ترافقها قوة أمنية مكونة من العميد عمرو حسين، مساعد فرقة شمال أكتوبر، والعقيد فادى عزيز، نائب مأمور مركز منشأة القناطر، والعقيد حسام أنور، مفتش مباحث فرقة شمال أكتوبر، إلى جانب عدد من أمناء الشرطة والمجندين، لتأمين لجنة المعاينة.
مخالفة القانون فى «أفق»
نصف ساعة منذ وقت الانطلاق وحتى الوصول إلى شركة أفق، وهنا كانت المفاجأة فى انتظار اللجنة، «مشروع سكنى سياحى، وأراض مقسمة إلى شوارع، وطرقات، فيلات وقصور، ومسجد وكنيسة وأندية اجتماعية ورياضية».
وزير «التضامن» فى حكومة «الببلاوى» يرفض دخول اللجنة فيلته.. والمعاينة تمت من الخارج فقط
بمجرد الوصول إلى مقر «أفق» كان كل شىء يدل على أننا أمام مشروع عقارى استثمارى سكنى، وليس أراضى مستزرعة، بوابة كبيرة للمنتجع وعليها أفراد أمن، وبالداخل مقر إدارى للشركة.
دقائق معدودة من عبور بوابة «أفق»، وكانت لجنة المعاينة داخل المقر الإدارى للشركة، حيث عقد المستشار صفاء أباظة، قاضى التحقيق، اجتماعاً مع أعضاء اللجنة، وعدد آخر من موظفى إدارة أملاك محافظة الجيزة، وبدأ «أباظة» فى توجيه تعليماته للجنة لمعاينة مساحة 558 فداناً لرفع الإحداثيات ومساحات الأراضى المنزرعة زراعة جادة، وحصر عدد الفيلات، فيما طلب من موظفى محافظة الجيزة موافاته بخطابات رسمية بالمرافق الموجودة بالشركة.
وقائع المعاينة
بدأت اللجنة فى تحركها لمعاينة ما يقرب من 500 فيلا، أقيمت على مساحة 558 فداناً، فيما ظل قاضى التحقيق داخل المقر الإدارى، لتحرير محضر المعاينة، والاطلاع على أوراق وعقود الشركة، والمستندات الخاصة بها.
وعلى مدار أكثر من 3 ساعات، قامت اللجنة بمعاينة الفيلات والقصور ورفع إحداثياتها ومساحاتها، لبيان نسبة المبانى والإنشاءات، ونسبة الأراضى المنزرعة.
لم تكن المعاينة مجرد نزهة أو رحلة داخل الفيلات والقصور، ولكنها كانت مهمة صادفتها عدة معوقات، خاصة فى ظل رفض بعض أصحاب القصور والفيلات السماح للجنة المشكلة من خبراء الكسب غير المشروع بوزارة العدل، ومهندسى هيئة التعمير والتنمية الزراعية، والمساحين بالهيئة، وسكرتارية قاضى التحقيق، بالدخول لرفع مساحة الأرض المنزرعة زراعة جادة من عدمه.
كان من بين الذين رفضوا دخول اللجنة لمعاينة فيلاتهم، الدكتور أحمد البرعى، وزير التضامن، فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى يوليو 2013، ووزير القوى العاملة فى حكومة الدكتور عصام شرف، فى فبراير 2011.
كان الأمر مثار دهشة واستغراب من قبل أعضاء اللجنة، وبدأت أحاديث جانبية وتساؤلات من جانبهم، «فكيف لأستاذ قانون ووزير سابق، يعيق القانون»؟!
لم تستطع اللجنة الدخول لـ«فيلا البرعى»، بعد أن رفض حارس العقار السماح لهم، قبل استئذان أصحابها، وحينما حاول أعضاء اللجنة الدخول للفيلا، قام حارس الفيلا بالاتصال بأحد الأشخاص: «لم نعرف من هو»، وجاء رده على اللجنة بقوله: «الوزير وأبناؤه وزوجته يرفضون دخول اللجنة»، وتكرر الأمر مع أصحاب فيلات آخرين، لكنهم غير معروفين للعامة من الناس.
الأمر كان مغايراً عند معاينة فيلا الفنان سامح الصريطى، حيث سمح لنا حارس العقار بالدخول، فكشفت المعاينة عن وجود حمام سباحة داخل الفيلا.
وأثناء المغادرة تقابل أعضاء اللجنة مع الفنان سامح الصريطى، الذى كان متجاوباً مع اللجنة فى مهمتها، بل وصل الأمر إلى الذهاب لمقابلة قاضى التحقيق، لمعرفة طبيعة المخالفة واستعداده لسداد أى مستحقات مالية تثبت فى حقه.
كان من بين القصور التى تمت معاينتها، قصر ماجد المجريسى، رئيس مجلس إدارة الشركة الشرقية للغازات (ايتيكوجاس)، المتخصصة فى تعبئة الغازات بجميع أنواعها (ارجون- هيليوم- ميثان) وخليط غازات.
يتكون القصر من حمام سباحة، ومساحات خضراء، ومحاط بمساحة من الأرض المنزرعة بأشجار الفاكهة المختلفة.
لم يمانع «المجريسى» فى معاينة القصر، غير أنه علق على تكرار المعاينة بقوله للمساح الذى يقوم برفع المساحات والإحداثيات: «انت مجتش هنا قبل كده، هو فيه جديد فى القضية؟».
قبل أن تنهى اللجنة مهمتها والعودة لقاضى التحقيق، كان عليها وضع حد للفيلات التى رفض أصحابها المعاينة، وعادت اللجنة مرة أخرى إلى قاضى التحقيق للنظر فى هذا الأمر، خاصة فيلا الوزير الأسبق أحمد البرعى، فكلف المستشار صفاء أباظة قوة أمنية من الموجودة معه لمرافقة اللجنة فى مهمتها.
حينما عادت اللجنة، ومعها القوة الأمنية، لمحاولة دخول «فيلا البرعى»، رفض حارس العقار، المغلوب على أمره، تنفيذاً لتعليمات من يعمل لديهم، وهنا طلب قاضى التحقيق من اللجنة إثبات كامل المساحة من الخارج والنظر فيما إذا كان هناك أى مساحات منزرعة زراعة جادة ومنتجة من عدمه.
محضر المعاينة
أنهت اللجنة مأموريتها بعد 3 ساعات، رصدت فيها مخالفة شركة أفق للقانون، والقيام بالبناء على أراض مخصصة للزراعة، وقبل التحرك للعودة إلى القاهرة، حرر قاضى التحقيق محضراً بما تم فى المعاينة، وطلب من مسئولى الشركة تسليم جميع المستندات الخاصة بها وعقود البيع المحررة بينها وبين أصحاب الفيلات والقصور، لتفنيد كل مخالفة على حدة، وبيان نسبة المبانى المقامة والأراضى المنزرعة فعلياً.
وخلال تحرير محضر المعاينة طلب الفنان سامح الصريطى من قاضى التحقيق إمهاله الوقت الكافى لإبلاغ من يعرفهم داخل هذا المنتجع السكنى، حتى يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم، ورد قاضى التحقيق: «مكتبى موجود فى وزارة العدل، ومن يريد الاطلاع أو السؤال عن أى شىء يتعلق بالقضية يأتى لى».
وطلب قاضى التحقيق من اللجنة إنهاء تقرير المعاينة على وجه السرعة وتسليمه لاستكمال باقى إجراءات القضية، والنظر فيما إذا كانت ستنتهى بالتصالح أو إحالتها للمحكمة.
محرر «الوطن» لحظة دخول مقر شركة «أفق» مع أعضاء اللجنة
أحد تقارير المعاينة للأرض
قرار قاضى التحقيق بتشكيل اللجنة