بلاغ لـ«النائب العام» فى 2011 يفضح «فساد الأراضى» وتواطؤ الشركة مع مسئولى «التعمير»
أعضاء لجنة المعاينة أثناء مراجعة مستندات الشركة
كشفت أوراق التحقيقات الخاصة بشركة «أفق» عن بدء وقائع القضية فى عام 2011، حينما تقدّم حسين متولى، ببلاغ للنائب العام قُيّد برقم 2546 لسنة 2011، ضد هيئة التعمير والتنمية الزراعية.
وذكر البلاغ أن الهيئة قامت خلال فترة تولى الوزراء السابقين يوسف والى، وأحمد الليثى، وأمين أباظة، مقاليد وزارة الزراعة، ومعهم عدد من الوزراء والمسئولين أعضاء اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار التابعة لمجلس الوزراء، بالتواطؤ مع مستثمرين ورجال أعمال، لإصدار قرارات سمحت بتمرير مخالفات البناء على أراضٍ زراعية، مما أدى إلى القضاء على مشروع الحزام الأخضر الذى كان ضمن مخططات الدولة فى السنوات الماضية، لحماية المدن الجديدة من العواصف الرملية والتلوث.
وأضاف البلاغ أن هذه القرارات سمحت بتحويل مشروعات قائمة على الزراعة إلى مشروعات عقارية وسياحية، وإنشاء فيلات ومنتجعات من أموال التمويل العقارى.
وتابع أن عدداً من الشركات، ومنها «أفق» بالكيلو 50 بطريق مصر - إسكندرية الصحراوى، تواطأت مع مسئولى هيئة التعمير والتنمية الزراعية، بالقضاء على ثروة مصر الزراعية، حيث قامت الشركة بشراء مساحة 558 فداناً و18 قيراطاً من هيئة التعمير والتنمية الزراعية بسعر 200 جنيه للفدان الواحد، بغرض الاستصلاح والاستزراع، إلا أنها خالفت القانون رقم 143 لسنة 1981، وقامت باستغلال الأرض فى نشاط آخر غير الزراعة.
وفى 26 فبراير 2011، أحال النائب العام البلاغ إلى قاضى التحقيق المنتدب للتحقيق فى قضايا فساد وزارة الزراعة، الذى بدوره باشر التحقيقات فى تلك المخالفات الواردة بالبلاغ.
وطلب قاضى التحقيق فى ذلك الوقت المستشار أحمد إدريس، تحريات هيئة الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة، كما أمر بانتداب خبراء الكسب غير المشروع بوزارة العدل، لمعاينة الأرض على الطبيعة، وإعداد تقرير بهذا الشأن.
وورد تقرير الخبراء بالقضية فى 2011، متضمناً «أن الشركة قامت فى 27 مارس عام 2000 بشراء 170 فداناً بواقع 200 جنيه لسعر الفدان الواحد، كما تم بالتاريخ ذاته، تحرير عقد إيجار بين الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية والشركة بمساحة 388 فداناً، وبتاريخ 17 سبتمبر 2001، وتم تحرير عقد بيع ابتدائى لمساحة 558 فداناً».
كما أثبت تقرير الخبراء فى القضية أن المساحة محل التحقيق مُقسّمة على الطبيعة إلى مساحات صغيرة ومقام عليها 82 مبنى خرسانياً، وكذلك نادٍ اجتماعى، وأن الأرض محاطة بسور من الطوب الأحمر والأعمدة الخرسانية، وأن ذلك أدى إلى إهدار للمال العام يُقدّر بـ55 مليوناً و870 ألف جنيه نتيجة البناء على التعدى بالبناء على نسبة 7% من الأرض، رغم أن القانون رقم 143 لسنة 1981 حدّد ألا تزيد نسبة المبانى لخدمة أغراض الزراعة على 2%.
كما وردت تحريات هيئة الرقابة الإدارية، مؤكدة جميع ما ورد بتقارير الخبراء، غير أنها أشارت إلى تنامى عدد الفيلات المقامة على الأرض وزيادتها إلى 127 فيلا، إضافة إلى نادٍ رياضى مساحته 60 ألف متر مربع.
وفى عام 2015، تم إنهاء ندب المستشار أحمد إدريس، ليتولى المستشار صفاء أباظة التحقيق فى القضية، وأصدر قراراته بمنع مالكى الشركة من السفر، كما أمر بضبطهم وإحضارهم.
وكشفت التحقيقات التى أجراها «أباظة»، أن الشركة المتهمة قامت بتغيير كامل نشاط مساحة الأرض البالغة 558 فداناً، فأمر بتشكيل لجنة من مباحث الأموال العامة وخبراء الكسب غير المشروع، وهيئة التعمير والتنمية الزراعية، لمعاينة الأرض على الطبيعة، والتحقّق مما إذا كانت الشركة قامت بتغيير نشاط كامل الأرض أم لا.
وتبين من المعاينة التى كانت «الوطن» مرافقة للجنة فيها، أن الشركة قامت بتقسيم الأرض إلى أكثر من 200 قطعة، وذلك حسب الرسومات المقدّمة من الشركة، وأن هناك نادياً رياضياً واجتماعياً، وآخر للفروسية، وكذلك مسجد وكنيسة، وأن عدد الفيلات المقامة على مساحة الـ558 فداناً تتجاوز 500 فيلا.
كما ثبت من المعاينة على الطبيعة أن كامل الأرض مقسّمة إلى شوارع رئيسية وجانبية ممهّدة بالأسفلت لخدمة فيلات المنتجع، كما تبيّن زيادة الفيلات بالأرض، ووجود مواد بناء «أسمنت وطوب» لإقامة فيلات أخرى، فتحولت الأرض التى كانت مخصّصة للزراعة إلى منتجع استثمارى عقارى سكنى أهدر الثروة الزراعية.
وطلب قاضى التحقيق من محامى الشركة صورة من العقود الخاصة بالشركة مع هيئة التعمير والتنمية الزراعية، وكذلك عقود بيع الأراضى لمالكى الفيلات، كما طلب بياناً وكشفاً بأسماء حائزى القطع وصوراً من عقودهم.
وينتظر قاضى التحقيق حالياً، التقرير النهائى للجنة التى عاينت الأرض فى 18 سبتمبر الماضى، تمهيداً للتصرّف فى القضية، سواء بإحالتها إلى المحكمة المختصة أو التصالح.