من يعتقد أن دولة من الدول ترسل رجالها بشكل مباشر لتنفيذ عمل إرهابى فى دولة أخرى، كما كان يحدث فى الماضى، فهو متخلف كثيراً عن متابعة أحدث صور المؤامرات والتآمر على الدول وتوجيه المتآمرين بالاختراق.. لا تستطيع دولة تحمّل ذلك أمام العالم فى وقت تزعم فيه دول كثيرة معاناتها من الإرهاب والادعاء بأنها ضحية له بمن فيهم صانعو الإرهاب وداعموه وممولوه!
قصة صناعة أشخاص طبيعيين يحملون جنسية دولة معينة تمت وحدثت كثيراً.. صنعتها مصر فى إسرائيل، وصنعتها إسرائيل فى الشقيقة سوريا من خلال الجاسوس «إيلى كوهين»، وكلاهما وصل إلى نفوذ كبير ومواقع مرموقة فى المجتمعين السورى والإسرائيلى. «الهجان» اعتزل وعاد سالماً فى الأسطورة المخابراتية المعروفة، بينما «إيلى كوهين» كاد يكون وزيراً فى سوريا لولا سقوطه وإعدامه وبدعم مصرى! وبالتالى فإمكانية زرع أفراد ينتمون لدولة شقيقة، والزعم بإيمانه بأفكار جهادية مع دعمه مادياً من أفراد أو من أجهزة محددة وارد إلى حد كبير جداً خصوصاً فى الدول الشقيقة التى ضعف فيها نفوذ الدولة الوطنية، وأصبحت فيها مناطق خارج هيمنة السلطات المحلية!
هذه الجماعة التى يمكن أن تنشأ بهذا الشكل، ليس منطقياً أن تبدأ بالدعوة للقتال ضد مصر وسوريا.. بالطبع لا.. تبدأ بدعاوى لامعة تجذب الشباب الذى نال قسطاً من الأفكار المتطرفة أو التى تغذيها وتساعدها جماعات مستفيدة مثل الإخوان.. وبعد تجنيد الآلاف وتسليحهم وتشرّبهم لأفكار هذه الجماعة يتم صناعة أفرع لها فى بلدان مختلفة وبعدها يتم تغيير الوجهة باعتبار الجهاد جائزاً فى كل مكان وإن كان يجوز ضد الأمريكان مثلاً، فإنه يجوز أيضاً ضد حلفاء الأمريكان والإخوان يوهمون أتباعهم بأن مصر «حليفة» لأمريكا حتى اليوم، ثم تبدأ العمليات!
طريقة أخرى لتوجيه الإرهاب ضد مصر، وهو السيطرة على قيادة هذه الجماعات من خلال أدوات السيطرة المعروفة فى أجهزة المخابرات ويتم إجبار «القائد»، التى تمت السيطرة عليه على توجيه جماعته ضد أهداف محددة.. لكن ينبغى القول إنه فى الحالتين السابقتين يتم قطع سلسلة الاتصال بالرأس المخطط مبكراً جداً، إما بإخفاء المؤسس الأول أو بالتخلص منه ويكمل أتباعه المهمة بنجاح وبغباء منقطع النظير أو من خلال إسناد الإدارة والتوجيه لمؤسسة من المؤسسات العالمية صاحبة الأفرع الدولية فى كل قارات العالم مرتبطة بجهاز المخابرات المسئول أو لدولة من الدول يكون حاكمها نفسه تحت السيطرة!!
وبنظرية «فتش عن المستفيد»، نجد أن إسرائيل هى المتضرر الأول من تنمية سيناء التى تتم لأول مرة منذ كامب ديفيد.. وبما يحصنها تماماً من أى عدوان أو احتلال.. وإن كانت إسرائيل خططت من خلال السلام مع مصر إلى تفتيت الدول العربية وإضعافها، ثم العودة إلى مصر منفردة ومن دون أشقائها العرب، فهى الآن ترى أن هذا المخطط يتم إفساده.. ولا ترى حلاً مناسباً مع الرئيس «السيسى» الذى يفوت الفرصة على إسرائيل للتلكك فى أى شىء، حيث لا تتوقف دعوات الرئيس للسلام فى المنطقة!!
وما يجرى فى سيناء بالفعل هو مرعب لإسرائيل، بل ما يجرى فى مصر كلها.. وللتقصير الإعلامى، فإن كثيرين لا يعرفون كيف أصبحت سيناء جاهزة لاستقبال أكثر من ثلاثمائة ألف نسمة للسكن فى الإسماعيلية الجديدة وحدها التى تنتظرهم فيها 51 ألف وحدة سكنية بنيت على 2121 فداناً، وبمجهود ثمانين ألف عامل ومهندس ومحاسب!
وكثيرون لا يعرفون أن أكثر من مائة وعشرين ألف فدان إضافية جاهزة للزراعة من مياه سحارة سرابيوم التى تكلفت أقل قليلاً من مائتى مليون جنيه، لتضخ المياه من أسفل قناة السويس بستين متراً، وعبر أقطار عملاقة وبمخزون مائى قادر على ضخ المزيد!
وكثيرون لا يعرفون كيف تحول مطار «المليز» العسكرى السابق إلى مطار مدنى دولى قادر على استقبال أكثر من مليون ونصف المليون راكب بما يربطها بالعالم كله، وليس بباقى محافظات مصر!
وكثيرون لا يعرفون أنه رغم الإرهاب والتفجيرات والقتال الذى يجرى فى شمال سيناء، ومثلث رفح - العريش - الشيخ زويد، وقد أضيف إليهما بئر العبد، فإن العمل مستمر فى مدينة رفح الجديدة على مساحة تقترب من ستمائة فدان بعشرة آلاف وحدة سكنية وأربعمائة منزل، وهى وحدها رد على كل الأكاذيب الدائرة بشأن تهجير السكان لصالح وهم مزعوم غير موجود إلا عن المجانين وبعض خبراء إسرائيل اسمه توطين الفلسطينيين فى سيناء!
وكثيرون لا يعرفون شيئاً عن جامعة الملك سلمان بجنوب سيناء وتخصصاتها العلمية النادرة، ولا يعرفون شيئاً عن حجم الطرق الذى يجرى إنشاؤها وتطوير مئات الكيلومترات من الطرق الأخرى، ولا يعرفون إلا الأنفاق المهمة التى يجرى العمل بها أسفل قناة السويس ولا يعرفون كوبرى النصر، أعلى كوبرى معلق فى العالم، ولا عودة سكك حديد الفردان ولا مشروعات شرق بورسعيد وتنمية إقليم القناة أو تغيير وتجديد البنية التحتية فى عدة مدن بسيناء، ولا يعرفون شيئاً عن حفر ثمانى عشرة بئراً للشرب والزراعة، وتدشين 3 مستشفيات واثنتى عشرة مدرسة جديدة، وخمسة وثلاثين مركز شباب.. وقريباً 10 مصانع رخام!
كل هذا الذى يجرى، يرعب دولة واحدة وحيدة، ولا يمكنها قبوله أو السكوت والصمت عليه.. بل يمكنها أن تظهر العكس تماماً.. وتمدح فى الرئيس السيسى، وتعزى الشعب المصرى وأسر الضحايا.. لكنهم يمسكون بالخنجر باليد الأخرى خلف ظهورهم، وهكذا تعلمنا من خبرة التعامل مع هؤلاء!