«أوَ تعرف ما معنى الكلمة؟/ مفتاح الجنة فى كلمة/ دخول النار على كلمة/ وقضاء الله هو كلمة/ الكلمة لو تعرف حرمة، زاد مزخور/ الكلمة نورhttps://adminlive.elwatannews.com/admin_bak/ وبعض الكلمات قبورhttps://adminlive.elwatannews.com/admin_bak/ وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشرى/ الكلمة فرقان بين نبى، وبغى/ بالكلمة تنكشف الغمة/ الكلمة نور/ ودليل تتبعه الأمة/ عيسى ما كان سوى كلمة/ أضاء الدنيا بالكلمات، وعلمها للصيادين/ فساروا يهدون العالمhttps://adminlive.elwatannews.com/admin_bak/الكلمة زلزلت الظالم/ الكلمة حصن الحرية/ إن الكلمة مسئولية إن الرجل هو كلمة، شرف الله هو الكلمة»..
بهذه القصيدة من رائعته (الحسين شهيداً) أرسى الشاعر الكبير عبدالرحمن الشرقاوى قاعدة فلسفية خطيرة بمفهوم أكثر عمقاً لأهم ما يكب الناس فى النار، إنه حصاد ألسنتهم فكم منا يستهين بالكلمات ويترك لها العنان وبدلاً من أن يكون فارسها ومالك لجامها يحولها إلى عربة طائشة تقوده وتجرجره لحقول الشوك ومرار الندم فتكون مقبرته الأولى قبل رحم الأرض وظلمتها.
وللتاريخ حكايات وحكايات عن كلمات غيرت مصائر البشر فى لحظات ضعف قادت الكلمة فيها العقل إلى (سكة الندامة) حيث اللاعودة ومع كل خطيئة كلمة نفقد قطعة منا ربما.. من احترامنا، ربما من إنسانيتنا.. حتى نفقد ذاتنا.
يرتكبها فرد بسيط فتكون الكلمة محدودة بمحيطه الصغير.
قد تكون كلمة نلوكها فى ألسنتنا كثيراً بكِبر أحمق، حتى تنفد كل الفرص وتضيع العشرة والأسرة ويكون الطلاق بائناً.
قد تكون كلمة ذات نصل جارح تذبح كبرياء صديق فنفقد رفقاء لا تعوضهم السنون ولا كثرة ورود دروب الحياة.
وقد تكون كلمة نخون بها عاشقاً مخلصاً فنفقد حباً لا تعوضه كل متع الدنيا.
وتنوء السجون بحكايات فضفضات الرفاق تفوح برائحة الندم على حماقة كلمات أضاعت العمر خلف القضبان.
ومن أقسى الكلمات كلمة ينطقها قاضٍ (ثلثاهم فى النار) تهدر حقاً وتنهى مستقبل وربما حياة.
أما عندما تخرج الكلمة من أفواه أصحاب التأثير على مصائر الشعوب تكون الكارثة حيث يُورِدون أممهم موارد الهلاك.
(إعدام) نطقها القاضى الإنجليزى فى لحظة على جان دارك أيقونة الحرية.. وتمضى السنون ويعلن القاضى الظالم ندمه ويموت.. وتعيش القديسة جان دارك خالدة فى وجدان البشرية.
«الآن أنا الموت».. قالها أوبنهايمر (وليته ما فعل) وهو يعلن عن اختراع قلب موازين القوة فى العالم مسبباً قتل وتشويه ملايين الكائنات الحية والأهم التهديد بفناء الجنس البشرى كله، إنها القنبلة النووية (وليته ما فعل) تقف متأهبة على رؤوسها كخناجر مسمومة فى جحورها الخفية موجهة لقلب الإنسانية فى انتظار ذلك الأحمق الذى طالما طل أمثاله علينا من بين صفحات التاريخ ليفعلها.. مجرد كلمة صغيرة.. ضغطة صغيرة على زر صغير فينتهى الكوكب الأزرق.
والكلمة أول اختبارات القدر لمن يترشحون للسلطة فتكون شعلة يضيئون بها الطريق وسلاحاً ماضياً، انتصر بها غاندى ومانديلا ومارتن لوثر كينج، أو مقبرة يُدفنون فيها وقد فعلها لتوه الفريق أحمد شفيق عندما أضرم فى نفسه النيران على مرأى ومسمع من العالم فى مشهد انتحار سياسى علنى أسقط مصداقيته وتاريخه ومبررات كان يتشبث بها مساندوه لتفلت من أياديهم كل الحجج فى مستنقع الكبر ولا يبقى لديهم غير أمل تكذيب الأمر برمته.. كزوجة عاشقة رأت خيانة زوجها فتكذب وتعطل كل حواسها.. بعد أن أثبت الواقع بالأرقام ودون تحيز إنجاز الرئيس الحالى لمئات بل آلاف المشاريع التى يصبح أمامها تجديد مطار القاهرة، أيقونة شفيق، رغم جودته، نقطة فى بحر عميق.
ولأن لكل شىء ثمناً فقد كان الحصاد الموجع لسنوات من استمراء ضيافة لكل أسرته طالت خمس سنوات؟ ويالها من ضيافة هى أقرب للجوء السياسى بلا مبرر سوى للاستمتاع بكرم فى غير موضعه لرجل مسن لا يريد العودة لبلده. ثم يخرج من داخله فجأة مرشح محتمل لقيادة دولة ناهضة تحتاج عزم الشباب من رجل فضل البقاء بلا عمل وقبول الإحسان واختيار أن يكون اليد السفلى لسنوات متنحياً عن معركة بناء الوطن وفجأة قرر العودة المشروطة بالكرسى الملعون وموعد الترشح.. ليلجأ لبوق أعداء الوطن والمضيف على السواء ويمنحهم الشماتة ملفوفة ببث حصرى لأحلامه بلا أى كرامة له قبل وطنه ومضيفه.. لنتأكد كل يوم أن إفرازات النظام البائد لن تطرح خيراً أبداً.. فكفانا التفافاً إلى الخلف ولنتركهم ينكشفون ويتساقطون بأياديهم ولننظر إلى الأمام فالطريق جد طويل.. ومصر تنتظر.. وللحديث بقية.