اعتقد البعض أن الأيام القليلة الماضية شهدت بداية صاخبة لمعركة انتخابية رئاسية مرتقبة بين الرئيس والفريق شفيق (رغم أن السيسى لم يعلن عن ترشحه حتى الآن) لكن مراقبتى لما دار حتى الآن تجعلنى أقول إن محاولة لنقل المشهد من حيز النطاق المشروع لمعركة انتخابية إلى منطقة محرمة من الصراع والنزاع على الحكم كانت تدار وبشراسة بنية مبيتة من البعض وبانعدام الوعى لدى البعض الآخر، وهو ما كان ينذر حتماً بتهديد داخلى لاستقرار البلاد لولا الإدارة الرشيدة للدولة التى تعاملت بحكمة واتزان مع تناقضات لم تكن طرفاً فيها لكن أوجبت المسئولية الوطنية عليها التدخل.
بمتابعة سيناريو الأحداث نجد أن الفريق شفيق كان يستعد للذهاب لفرنسا ولقاء الجالية المصرية هناك حسبما أكدت تصريحات ابنته لفضائية cbc، وهو ما يعنى إعلان ترشحه من خارج أرض الوطن أولاً، وعلينا أن نسأل لماذا؟! وهل غاب عن التقدير السياسى أن تلك الخطوة تعد استدعاء لدول غربية فى معادلة الانتخابات الوطنية وتوسيع جغرافيتها المعلومة لتشمل جغرافيا شمال المتوسط؟!! وهو ذاته ما أنكره شفيق على دولة عربية فى بيان متلفز بثته شاشة (الجزيرة)، إن هذا التناقض يقود بالضرورة لطرح نفس السؤال لماذا أقحم شفيق دولة الإمارات العربية فى معادلة الانتخابات الوطنية لتتسع الجغرافيا شاملة أيضاً شرق البحر الأحمر وإقراره أنه فوجئ بمنعه من مغادرتها، ولا أدرى إن كان من العقل أن يترك أحد أبنائه فى دولة سبق وأعلن عن تعثره فى مغادرتها لأسباب سياسية، لكن بجملة التناقضات فقد عاد وأكد أن رجال تلك الدولة كانوا كرماء معه فى كل شىء.. لم تكد تمر ساعة من الزمن على وصول شفيق إلى مطار القاهرة حتى أطلق بعض من أنصاره المظاهرة الفيس بوكية والتويترية بعنوان اختفاء الفريق، وبعد مرور عدة ساعات كنا على موعد مع برومو اختطاف الفريق، أما السهرة فكانت مع دراما الحريرى فى محاولة مراهقة لصياغة موقف سياسى شبيه بالأزمة اللبنانية الأخيرة، رغم الانفصال التام بينهما، وهنا أعود لما بدأت به حول توسيع رقعة جغرافيا الانتخابات خارج حدود الوطن، فهل كان المطلوب مثلاً استدعاء تصريحات من الخارجية الأمريكية أو الفرنسية كما حدث فى أزمة سعد الحريرى، لعل التراجيديا التى فض بها مرشحهم عبثية شائعاتهم المكذوبة بإعلانه إعادة النظر فى موقفه من الترشح تعد أبرز دليل على تناقضات الرجل المتلاحقة والمتسارعة، ولا سيما بعد تعهده بعدم التراجع عن واجبه مهما واجه من صعاب.. وحقاً حاولت البحث عن أى صعاب يواجهها شفيق فى ممارسة حقه فى الترشح لم أجد سوى فيض من تناقضات حادة أحدثها هو وجملة اتهامات مفبركة وجهت للدولة، تضامن فيها بعض الإعلاميين بخروج إحدى المذيعات تصدح بإملاءات حادة وجهتها للدولة حول كيفية إدارة المشهد وفق فلسفتها الشخصية، المذيعة التى لم يسعفها تراكم مهنى يمتد لعقود من عمرها ألقت اللوم على الدوله حول الكيفية التى تناولت بها وسائل الإعلام العالمية الحدث، وكأن الدولة لم تبلغ سن الرشد وعليها أن تخشى الإعلام العالمى بل وتجعله بوصلتها فى رسم سياساتها.. بل وكأن الدولة هى من أقحمت دولاً إقليمية وأخرى غربية فى مشهد مرتبط بالأساس بالمصير الوطنى.. عفواً يا سادة إن هذا المشهد بدأت خطوطه العريضة تتشكل خارج حدود الوطن ولم تكن الدولة حاضرة مطلقاً على مسرح الإرباك والخلل هذا، بل فى المقابل تحلت الدولة بالتعقل والرزانة فى إدارة مشهد مرتبط بالمصير الوطنى.. فكان واجباً على الدولة حسبما ارتأت لملمة ما بعثره البعض خارج حدود الجغرافيا الوطنية بل والتأكيد على عدم السماح باختراق الجبهة الداخلية عبر انتخابات يترتب عليها مصير مصر وسلامتها.