في بلاد مصر القديمة، صانعة الحضارات و التاريخ و المجد العظيمة ، البهية الدائمة الحديث عن الحب و العشق و تقديسه ، كان هناك أمير فرعوني صغير شهم و اصيل ، يحلو له اللعب و اللهو مع فتاة جميله ذات رقبة طويلة نحيله ، اسماها أباها قائد الجيوش، (نفرتيتي) اي ( الجميله أتت ) هكذا رأى أباها و رأت الدنيا بأنها بارعة الجمال، و السحر المحال .
كبر الشابان و تحول اللعب الطفولي البرئ ، الى عشق وهيام و ولع ، كانت الملكة الام (تي ) ترقب هذا القرب بفرح شديد ، فقد كانت تحب ان تصبح الفتاة الجميله زوجة للفرعون الشاب ، و لكن منصب الزوجة الملكية مرشح له شخصية اخرى ، تقع الملكة الام في حيرة كبرى ، اتفضل الزوجة ذات الأصول النبيله ، لابنها الشاب ، ام تسمح له بالزواج من حب طفولته و شبابه ! و اختارت الام الحكيمة سعادة ولدها، و قالت بجمال و حكمه " ليتزوج نفرتيتي و يسعد معها كما سعدت انا مع والده " .. انها الام المحبة و الحكيمة.
يتزوج العشيقان و من البنات ستة ينجبان ،تحلو الأيام و تتعطر برائحة الملكة نفرتيتي و تجمل بجمالها سارقة الأفئدة و النهى ، يقع الشعب الممجد لحكامة، الرافع اياهم لدرجات الآلهة في حب الزوجين الملكين و كعادة الفراعين ، بناة الحضارة و المجد المتين ، تقام الإنشاءات و الصروح و الفتوحات و العلوم و التقدم و الانتصارات ، و لا ينسون الاحتفالات ، و هنا و في تلك المهرجانات ينتظر الشعب الوفي طلة العاشقين لتحيتهما ، تظل الروؤس ترقب تألق (نفرتيتي ) و جمالها ..مساحيق تجميلها ..ملابسها الأنيقة و كيف انها تجلس بالساعات لتتعطر بالبخور و الزيوت العطريه و كيف تضع زينتها بعنايه و دقة و رقي ، حسب المناسبه و قبل كل هذا كيف ينظر اليها العاشق المتيم شاكرا الاله الواحد ( كما يؤمن هو على خلاف الآخرين ) على نعمته .
تمضي الأيام بالزوجين يتنزهان في رحلات نيلية هادئة و يسكنان بيوتا، تقام خصيصا لفترات معينه في العام ،( شاليهات فرعونية أنيقة) و تأتي لهن الوصيفات بالطفلات الصغيرات ليتمكن الملكان من تدليلهن و اللعب معهن .
يأتي يوم يقرر فيه (أمنحتب ) الرابع تغيير ديانته و اسمه الى (اخناتون) لانه قرر عبادة الاله الواحد أتون ، فهو يرى ان كثرة الآلهة ، امر غير منطقي و ان اله واحد احق بالعبادة و السجود و يمجده و يقيم له الصلوات و المعابد و ينقل العاصمة ، و يغير كل شئ و في رحلته الإيمانية تلك ، تتبعه زوجته المحبة قانعة بفكره و عقله، بل ربما تفوقت عليه في عبادة أتون ، لم تكن الحرب سهله ، في تغير معتقد شعب بين ليلة و ضحاها و هنا برز دور الزوجة المحبه الداعمة الثابته القويه ، امام حرب كهنة( آمون ) العتيه و يصبح الملكان الشابان ، الوسيط بين الاله الواحد و الشعب العابد
بنهاية الصراع و الامر الملكي ، الذي لم يعد مطاع ، ينتصر كهنة (آمون ) على (اخناتون ) و عقيدته و عليهما يقضون ، يكسرون و يحطمون ، و تزداد الماساة بموت طفلة لنفرتيتي ، اميرة صغيرة جميلة ، تفقدها الام المحبة و الزوجة الحنون ، فتعتزل (نفرتيتي) القصر و الاحتفالات و تنيب عنها ابنتها الكبرى في التمثيل الملكي بالمناسبات .
تمر سنوات حزينه ، و ايام كئيبة ، تنتهي بموت الملك العاشق و العابد الموحد، و تعيش بعده (نفرتيتي) لسنوات قليلة،، تجتر أحزانها، و تتذكر ايام سعدها و مجدها و لعبها و لهوها و عبادتها و صلواتها و حروبها بجانب عشيقها ،و مليكها ، تغمض عينيها للأبد تاركة لنا اجمل الذكريات لأحلى الملكات و جميلة الجميلات .