تعد قضايا الطفولة من القضايا المهمة على المستوى المحلى وأيضاً العالمى، ففى المراجعة الدورية الشاملة لملف مصر أمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان تلقت مصر 300 توصية لتحسين حالة حقوق الإنسان، ما يقرب من 150 منها متعلقة بالمرأة والطفل، وقد قبلت مصر أغلبها واعتبرتها توصيات مهمة يجب العمل لمراعاتها، وهذا الأمر يوضح أن قضايا المرأة والطفل فى القلب من حقوق الإنسان لأنها ذات الصلة بالحقوق والحياة الاجتماعية، وقد أطلق المجلس القومى للأمومة والطفولة الأسبوع الماضى الإطار الاستراتيجى والخطة الوطنية للطفولة والأمومة 2030، وهى استراتيجية تم إعدادها بالتعاون مع كافة الوزارات والهيئات المعنية بالطفولة فى مصر، تعكس قدراً هائلاً من العمل الجاد والدؤوب للنهوض بالطفولة من وزارات مهمة، فى مقدمتها وزارة الصحة وهى الوزارة التابع لها المجلس، وزارة التضامن الاجتماعى ومشروعات عدة لحماية الأطفال، وزارة التربية والتعليم وخطة طموح للنهوض بالتعليم وسد الفجوة المتعلقة بالتسرب، وأيضاً وزارة الداخلية وإجراءات الحماية للأطفال سواء فى خطر أو أبناء السجينات، وزارة العدل والعمل على تطوير منظومة العدالة، مكتب النائب العام ونيابات الأحداث والتعاون مع خط نجدة الطفل، وزارة الأوقاف وما تقوم به من برامج توعيه للأئمة، والأزهر الشريف والكنيسة المصرية ودورهما العظيم فى نشر الوعى، أيضاً رصدت الاستراتيجية دوراً كبيراً للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء الذى يلعب دوراً مهماً فى تقديم المعلومات المدققة والموثقة لمساعدة المجلس القومى للأمومة والطفولة وكافة الجهات المعنية على فهم الواقع دون تهوين أو تهويل، وتعد الاستراتيجية بمثابة دليل مهم لكل جهة تقوم بجهد للنهوض بالأطفال فى مصر وتقديم الرعاية والحماية لهم، سواء على مستوى التخطيط أو التنفيذ أو المتابعة والتقييم، لأنها تقدم وصفاً أو خريطة للجهود المبذولة وتخطط للمستقبل وتوضح أيضاً ما يجب فعله، وهنا يأتى سؤال مهم حول الوضع القانونى وصلاحيات المجلس القومى للأمومة والطفولة، وهو الجهة المنوط بها وفقاً للدستور المتابعة والتنسيق بين كافة الوزارات والجهات ذات الصلة بملف الطفولة، وذلك طبقاً لنص المادة 214 من الدستور، التى نصت على «يحدد القانون المجالس القومية المستقلة ومنها المجلس القومى للأمومة والطفولة، ويبين القانون كيفية تشكيل كل منها واختصاصها وضمان استقلال وحياد أعضائها وتتمتع تلك المجالس بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفنى والمالى والإدارى، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بها وبمجال أعمالها».
وهنا يأتى السؤال، إذا كان المجلس القومى للأمومة والطفولة هو المعنى بالتنسيق بين كافة الوزارات والجهات حول ملف الطفل ومراجعة كل ما يتعلق به بما فى ذلك إبداء الرأى فى القوانين والتشريعات ذات الصلة، فكيف يستطيع القيام بذلك وهو تابع لوزارة الصحة، ليس هذا فحسب بل إن استمرار تبعيته لوزارة الصحة يحد من صلاحياته ويعد مخالفة واضحة للدستور تستدعى اهتمام الرئيس ونقل التبعية له أسوة بالمجلس القومى للمرأة ولضمان أن يكون ملف الطفولة تحت رعايته، وأحد الملفات المهمة على مكتب سيادته، ولا أبالغ إذ أقول إنه من أكثر الملفات أهمية، حيث إنه مستقبل مصر الذى يعمل من أجله الرئيس، فمتى يتحقق للمجلس أن يكون هيئة مستقلة طبقاً للدستور ولتمكينه للنهوض بالطفولة فى مصر؟