في عيد القيامة.. كيف احتفل الأقباط بأعيادهم بعد الفتح الإسلامي؟
سبت النور
تزينت الكنائس المصرية وترددت الترانيم احتفالا بعيد القيامة المجيد، وفي الوقت الذي شارك المسلمون الأقباط في احتفالاتهم، بينما ظهرت بعد الفتاوى الدورية الشاذة التي تحرم على المصريين مشاركة بعضهم البعض أعيادهم، وتهنئة الأقباط بأعيادهم، تلك الاحتفالات والتهاني التي لم يمنعها الفتح الإسلامي لمصر منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام.
الدكتورة زهيدة محمد عاطف، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة حلوان، قالت إن الإسلام منذ البداية كفل في معاهدة الفتح حقوق المسيحيين في الاحتفال بأعيادهم، وعدم تحريمها أو منعها، مشيرة إلى أنه بعد الفتح الإسلامي لمصر على يد عمرو بن العاص في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، استمر أقباط مصر في الاحتفال بأعيادهم بشكل طبيعي، وشاركهم فيها المسلمون الذين اختلطوا بهم أو الذين دخلوا الإسلام منهم، لافتة إلى أن كتب التاريخ لم تسجل حالة تحريم للاحتفالات القبطية بعد الفتح.
وأردفت أن أغلبية السكان في مصر ظلت مسيحية، حتى العصر الفاطمي، وطوال تلك الفترة استمرت احتفالاتهم بأعيادهم كما كانت قبل الفتح الإسلامي دون تغيير، وفي هذا العصر الذي شهد وجود أغلبية مسلمة في مصر، كانت الاحتفالات بأعياد الأقباط تتخذ طابع المشاركة بين المسلمين والمسيحيين، فعلى سبيل المثال في عيد الغطاس كان من عادة المسيحيين الغطس في النيل، وسرى اعتقاد بين مسلمي مصر أن الغطس في هذا اليوم يمنع الإصابة بالأمراض نهائيا.
"خميس العهد أيضا له قصة لطيفة" حسب أستاذ التاريخ الإسلامي، التي أكدت أن المسيحيين كانوا يعدون فيه أطباق العدس، ويهدونها للمسلمين، لذا عرف باسم "خميس العدس"، كما أن ربات البيوت المسلمات كن يغضبن من أزواجهن حالة عدم احتفالهم بأعياد الأقباط، وكن يجهزن نفس الأطعمة الخاصة بتلك الأعياد.
لم تقتصر المشاركة في الاحتفال بأعياد الأقباط على العامة، بل امتد الأمر أيضا للمتعلمين والفقهاء وفقا لزهيدة، حيث إن نبلاء الدولة ومشايخها ومتعلميها، كانوا يقيمون احتفالات في منازلهم في تلك الأعياد، وعلى الصعيد الرسمي كان الخلفاء في تلك الأعياد يقيمون "مندرة" على النيل، ويوزعون الهبات والعطايا والمنح والهدايا على المسيحيين والمسلمين على حد سواء، موضحة أنه في سبت الشموع كان المصريون يخرجون في مسيرات بالشوارع، حاملين النور والشموع والمواقد احتفالا به، وهو الأمر الذي استمر بشكل كبير حتى نهاية عصر المماليك.