هل من الضروري موافقة مجلس الأمن على الضربة الأمريكية في سوريا؟
هل من الضروري موافقة مجلس الأمن على الضربة الأمريكية لسوريا؟
ترامب
خلال السنوات الخمسة الأخيرة، تشهد الأراضي السورية العديد من الهجمات والأزمات المتكررة، التي راح ضحيتها المئات، وكان آخرها الأحد الماضي، حيث تعرضت مدينة دوما، التي تعتبر آخر معاقل المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية، إلى هجوم يشتبه في أنه كيماوي، أسفر عن مقتل أكثر من 70 شخصا على الأقل، بينما نفت الحكومة السورية ذلك الأمر واعتبرته "مفبرك".
وأثار ذلك الهجوم جدلا دوليا ضخما، يتزعمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي هاجم بشدة روسيا وإيران وسوريا، مهددًا بـ"ثمن باهظ" للهجوم بالأسلحة الكيماوية على المدنيين في سوريا، وتوعد بشن ضربات صاروخية على سوريا، قائلًا في تغريدة عبر حسابه الرسمي في "تويتر": "تتوعد روسيا بإسقاط أي صواريخ سنطلقها على سوريا، يا روسيا، استعدي لأنها قادمة، وهي جميلة وجديدة وذكية".
وحملت الخارجية الأمريكية روسيا "مسؤولية الهجمات" استنادا إلى "دعمها المستمر" للحكومة السورية، وحذرت قبل ساعات من انعقاد مجلس الأمن، للبحث في المسألة، من أنها لن تستبعد أي خيار.
لم تقتصر ردود الفعل على أمريكا فقط، وإنما انضمت لها فرنسا وبريطانيا، حيث حددت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي خلال اتصال هاتفي مع ترامب، شرط بلادها للانضمام إلى الحملة العسكرية ضد حكومة دمشق الرسمية، بينما مازال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يدرس الانضمام لأمريكا بهذه الضربة.
تلك الإجراءات والقرارات، أعادت للأذهان إمكانية تكرار مشهد غزو العراق قبل 15 عامًا، والذي لم ينتظر فيه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن قرارا أمميا لتوجيه ضرباته لبغداد، بذريعة وجود أسلحة دمار شامل، في عام 2003، بحسب صحيفة "جارديان" البريطانية.
وينص القانون الدولي على ضرورة إصدار مجلس الأمن قرارًا بتوجيه ضربات عسكرية لدولة تهدد الأوضاع فيها السلم والأمن الدوليين، وفقًا للدكتور محمد عطا الله، أستاذ القانون الدولي، مضيفًا أنه في حالة عدم حصول أي دولة عضو بالأمم المتحدة على ذلك القرار، يعتبر الأمر "عداونًا"، وهو ما حدث مسبقًا في غزو العراق 2003.
وقال عطا الله، لـ"الوطن"، أنه في حالة مخالفة قرارات مجلس الأمن فإنه تصدر بيانات للإدانة والشجب ضد ذلك فقط، ما دامت الدولتان أعضاء به، ولا يملك إمكانية اتخاذ إجراء سوى ذلك، بسبب الفيتو الأمريكي، مشيرا إلى التناقض بين تصرفات الولايات المتحدة بسبب استنكار أفعال الأسد بينما غض البصر عما تفعله إسرائيل بسوريا وفلسطين.
وفيما يخص الوضع الحالي بسوريا، أوضح أنه طبقا للقانون الدولي فيجب تشكيل لجنة محايدة للإطلاع على الأوضاع بها والتأكد من وجود الكيماوي ثم فرض عقوبات ضدها، آخرها الضربات العسكرية.
وأيدته في الرأي نفسه، الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلاقات الدولية، مؤكدة أهمية صدور قرار من مجلس الأمن لصالح أمريكا بضرب سوريا، وهو ما تصدى له الفيتو الروسي والصيني، إلا أن ترامب أكد أنه سيقوم بالضرب ولن يضع ذلك بالاعتبار، مشيرة إلى أن الأمر نفسه تكرر من أمريكا في واقعة العراق.
بينما يحتاج ترامب لضرب سوريا، فقط مواقفة الكونجرس الأمريكي وتحديد ميزانية العملية العسكرية، حيث إن الولايات المتحدة تتبع النظام الديمقراطي الذي لا يقصر القرارات على جهة واحدة، مضيفة أن الوضع نفسه ينطبق على بريطانيا وفرنسا.