الأزمة: تجنبها«عبدالناصر».. وواجهها«السادات».. وأسقطت «مبارك»
زيادة الأسعار، نار تأتى من حين إلى حين، تلتهم قوت يوم المصريين، وتُنهى على أكل عيشهم، بلا رحمة أو شفقة. وعلى مرّ التاريخ، اندلعت فى مصر ثورات كان المسبب الرئيسى لها شبح ارتفاع الأسعار الذى يعتبره المصريون «الطامة الكبرى»، ويتمنون لو أن السلع تباع بلا مقابل من الأساس.
يؤكد عدد من الخبراء أن استقرار الأسعار يأتى كنوع من أنواع الاستقرار والسلام الاجتماعى، لافتين إلى أن زيادة الأسعار تأتى لتحرق الجميع.
ويقول الدكتور محمد سيد أحمد، أستاذ علم الاجتماع السياسى، إن ارتفاع الأسعار مرتبط دائماً بدور الدولة، لافتاً إلى أن الدولة خلال فترة الستينات، وفى عهد جمال عبدالناصر، كانت تعرف حينها بالدولة «الكفيلة»، التى كانت تكفل مواطنيها.[SecondImage]
ويضيف: الدولة الناصرية كان لها دور كبير فى الاقتصاد الوطنى، وكان هدف الدولة الأساسى، وقتها، حسم الأمور لمصلحة المواطن البسيط، فيما رفعت الدولة فى 1974 فى عهد أنور السادات، شعار «الانفتاح الاقتصادى» واتجهت للاقتصاد الرأسمالى، وبدأت تتخلى دولة السادات عن فكرة الدولة الكفيلة التى بدأها عبدالناصر. وأغلقت الدولة المجازر، و«محدش كان عارف بياكل أو بيشرب إيه»، مؤكداً أن ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، فى عهد السادات كان بمثابة شرارة انتفاضة 1977.
يتابع: «عهد مبارك كان استكمالا لتخلى الدولة عن مسئوليتها تجاه مواطنيها، وإذا كان السادات بدأ بالتخلى عن المواطن الغلبان، فإن مبارك أكمل مسيرته، وتضاعفت الأسعار بشكل ضخم»، مضيفا: «كلما انسحب دور الدولة وتخلت عن مواطنيها، تنشأ الجماعات الخفية، وأكبر مثال على ذلك تنظيم الإخوان الذى وجد غطاءه السياسى والاجتماعى بسبب تخلى الدولة عن المواطنين»، وأكد أن تقرير البرنامج الإنمائى التابع للأمم المتحدة أعلن أن نسبة الفقر وصلت فى عهد مبارك إلى 41%، منوهاً إلى أن هذا يشير إلى أن الدولة لم تحتضن مواطنيها بل ساعدت على إفقارهم.
يقول المؤرخ الدكتور عاصم الدسوقى، إن هيمنة رأس المال وارتفاع الأسعار دائماً ما تأتى بثورات شعبية، لافتاً إلى أن ثورة يوليو 1952 فرضت الدعم على المنتجات، وأنهت سيطرة رأس المال فى مجالات الإنتاج الزراعى والصناعى، مضيفا: «جمال عبدالناصر وقتها أعلن عن تبنى مشاريع جديدة أسهمت فى رفع مستوى الاقتصاد المصرى»، واصفاً فترة حكم ناصر بـ«عهد السلام الاجتماعى».[ThirdImage]
يلفت الدسوقى النظر إلى أن مصر فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات دخلت مرحلة جديدة من الانفتاح والاقتصاد الحر، ورفع الدعم عن مستلزمات الإنتاج، لافتاً إلى أنه فى يناير 1977، أصدرت الحكومة المصرية قرارا برفع الدعم عن 25 سلعة استهلاكية ضرورية بشكل مفاجئ بناء على شروط صندوق النقد الدولى وقتها والانتفاضة استمرت لليوم التالى حتى جرى التراجع عن قرار رفع الأسعار.
يقول: مصر فى عهد المخلوع مبارك شهدت ارتفاعا كبيرا فى الأسعار، وبيعت شركات القطاع العام وجرت تصفيته، وفى نهاية الثمانينات وأول التسعينات رفع الدعم عن جميع مستلزمات الإنتاج حتى ارتفعت نفقات الإنتاج وبدأت السلع تطرح فى الأسواق بأسعار مرتفعة.
وتقول الدكتورة عاليا المهدى، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الدولة بعد ثورة 1952 أممت المصانع والشركات وحددت الأسعار ودعمت الصناعات وعملت على رفع الكفاءة الاستهلاكية، لافتة إلى أنه فى الفترة «1967- 1969» شهدت البلاد أزمات عديدة تمثلت فى عدم توافر السلع، ولم تكن الحكومة وقتها تعتمد على الاستيراد من الخارج، فضلا عن أنه فى أواخر فترة حكم جمال عبدالناصر فتح الباب أمام القطاع الخاص للاستيراد، وانتعش الاقتصاد رغم الأزمات التى لاحقت عبدالناصر بعد النكسة.
وتضيف: الرئيس الراحل أنور السادات انتهج نفس نهج عبدالناصر ومنح القطاع الخاص الحق فى الاستيراد من الخارج، لذلك شهدت فترة حكم السادات وفرة كبيرة لجميع السلع الاستهلاكية وجرى دعمها بالكامل، وما حدث فى 1977 ما هو إلا انتفاضة شعبية استجاب لها السادات على الفور.
تتابع: بداية ظهور ارتفاع الأسعار بالشكل المبالغ فيه واختفاء بعضها ظهر بصورة كبيرة فى عهد المخلوع مبارك، كما قلت السلع الاستهلاكية التى يجرى توزيعها على البطاقات التموينية بشكل ملحوظ، حتى إن بعضها اختفى بشكل تدريجى.
الأخبار المتعلقة:
الأسعار تعلن"الحرب"
«الوطن» ترصد رحلة الأسعار من سوق العبور إلى يد المواطن
أسواق مصر.. «فوضى أسعار وغش أوزان»
«حماية المستهلك»: الأسعار بتزيد علشان الناس بتشترى كتير
حكاية«ماهر» مع الأزمة: "معاشى أقل من ألف جنيه.. ومبيكفوش أكل وشرب وعلاج"
فاكهة الموسم.. أسعارها تصل إلى الضعف.. والمستورد «نار»
الفلاحون: زراعة الخضار زى القمار.. وسعر البطاطس ارتفع بسبب التصدير
طعام الفقراء: «عضم الفراخ» بالحجز.. وأسعار الخضراوات والفاكهة المعطوبة تتجاوز الضعف
«الوطن» ترصد«حجج»أطراف أزمة الأسعار
التجار يتبرأون من رفع الأسعار: «قلّة مندسّة» تحقق مصالحها على حساب المستهلك
عروض الأسعار والمجمعات الاستهلاكية.. فرص مضمونة فى حدود الميزانية