تم الإفراج عن الشيخ إمام وعنى بعد أن تدخل السيد لطفى واكد لدى الرئيس السادات شخصياً، بعد أن أغلق طريق المفاوضات بينى وبين مباحث أمن الدولة نهائياً، لأنهم أصروا على أن أكتب للرئيس السادات التماساً للإفراج عن الشيخ إمام وعنى، وكان ردى عليهم هو أن الرئيس السادات أعلن أكثر من مرة تصفية المعتقلات دون أى شروط، فلماذا يشترطون علينا «الشيخ إمام وأنا» أن نلتمس من الرئيس الإفراج عنا؟ وحتى حين زارنا الصديق لطفى الخولى، وطلب منى أن أكتب مجرد كلمة أشكر بها الرئيس السادات قلت له:
- أشكره على ماذا؟
قال:
- تشكره على الحرية مثلاً.
ضحكت وقلت:
- أشكره على الحرية وأنا فى الزنزانة؟ مش دى تبقى واسعة شوية يا أبوالألطاف؟
وأجابنى الشيخ إمام على الفور:
- واريه إزاى يا أبوالنجوم، دى تبقى ولا مؤاخذة مبهوَقَة.
وضج الحاضرون بالضحك..
وأخيراً اضطروا للإفراج عنا تحت ضغط الأشقاء العرب، خاصة الفلسطينيين الذين بدأوا يتساءلون:
- لماذا لم تشمل تصفية المعتقلات المصرية «نجم وإمام»؟
كنا فى معتقل القناطر الخيرية أربعة بعد الإفراج عن كل زملائنا فى حركة تصفية المعتقلات السياسية منذ «ثورة التصحيح» التى قام بها الرئيس المؤمن بمفرده، كما خطط له صديقه -آنذاك- الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل الشهير فى مجمعات الطلبة بالأستاذ ميكى، وكان مشهد خروجنا من المعتقل مشهداً درامياً، وكأنه كان تنفيذاً لسيناريو مكتوب بحبكة فنية محكمة.
كان اليوم هو يوم رؤية شهر رمضان المعظم، وفى هذا اليوم من كل عام تأخذ مصر المحروسة زينتها وتتحول لبنت حور فى كامل زينتها فى ليلة زفافها.. الأطفال يجوبون الأزقة والحوارى حاملين الفوانيس:
وحوى يا وحوى
إيوحا
وكمان وحوى
إيوحا
رُحت يا شعبان
إيوحا
وحوينا الدار
جيت يا رمضان
وحوى يا وحوى
وفى مدينة القاهرة تضاء نحو ألف مئذنة وينبعث منها السحر تحمله أصوات ندية تسبح بحمد الله وشكره على نعمة الإسلام ونزول القرآن الكريم العظيم على قلب محمد بن عبدالله رسول الإسلام وخاتم الرسل والنبيين الصادق الوعد الأمين الذى خاطبه رب العزة قائلاً فى محكم آياته: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ» صدق الله العظيم وصدق رسوله الذى قال: «إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد»، صلى الله وملائكته عليه وسلم.