أصحاب المظالم فى المحاكم
صورة تعبيرية
«بقالى سنة ونص عايز أستخرج إعلام وراثة مش عارف»، كلمات قالها، أحمد عمر (35 عاماً)، جاء إلى مجمع محاكم مصر الجديدة، ملبياً وصية والده، الذى توفى منذ عامين: «والدى قبل ما يموت وصانى على ابن عمته، لأنه متجوزش ومكانش له حد غير والدى، وأولاد أخته اللى توفيت أيضاً»، لم يمر بضعة شهور على وفاة الوالد طبقاً لكلام «عمر»، حتى لحق به ابن عمته: «بعد ما والدى مات بنحو 7 شهور ابن عمته توفى»، يريد «عمر» أن يستخرج إعلام وراثة لقريب والده، حتى يستطيع توزيع تركته على أولاد شقيقته المتوفاة، لكن صبره نفد، على حد قوله، بسبب التأجيل المستمر لقضيته بمحكمة مصر الجديدة.
يكمل أحمد عمر حديثه بقوله: «إعلام الوراثة متوقف على القيد العائلى، ومفيش قيد عائلى للمتوفى، بسبب عدم وجود أولاد له من العصب»، هكذا يصف «عمر» حاله منذ عام ونصف العام، مضيفاً: «أنا محتاج فقط تصريح من القاضى أستخرج بيه القيد العائلى، وبعدها أستخرج إعلام الوراثة، وكل جلسة يتم تأجيل القضية مش عارف ليه».
«دوخة» عمر على المحاكم لم تقتصر عليه وحده، آلاف غيره يعانون نفس المشكلة التى يرجعها إسلام عبدالكريم، محامٍ بالنقض والدستورية العليا، إلى ما وصفه بـ«النقص فى عدد القضاة الموجودين فى مصر، والإجازة القضائية الطويلة التى تقترب من ثلاثة شهور فى العام، سبب رئيسى فى تأخير إصدار أحكام باتة فى بعض القضايا».
«أيوب»: استغنيت عن المحامى ووفرت أتعابه بسبب التأجيل لمدة 12 عاماً
أمام مجمع محاكم مصر الجديدة وقف محمد أيوب (47 عاماً): «رفعت دعوى فسخ بيع، لعدم سداد باقى أقساط شقتى المبيعة، من 2006 لحد دلوقتى، ومفيش حكم فى القضية»، بهذه الكلمات وصف أيوب، حاله منذ 12 عاماً، فى محاولته لفسخ عقد بيع شقته التى لم يسدد المشترى منه باقى أقساطها، مما اضطره إلى رفع دعوى الفسخ، لكن محاولته باءت بالفشل، على حد وصفه.
يقول «أيوب»: «دعوى الفسخ المفروض متاخدش أكتر من سنة دا الطبيعى، لأنها مش قضية قتل محتاجة تحقيقات وشهود وأدلة، بس تأجيل القاضى المستمر للقضية مرة وعدم مثول المشترى أمام القاضى مرة أخرى، وتباطؤ موظفى مصلحة الخبراء فى نزولهم لمعاينة الشقة على أرض الواقع وصلنا لـ12 سنة وما أخدتش حكم نهائى»، ويضيف «أيوب»: «كان معايا محامى للترافع فى القضية ولما أتعاب المحامى كترت بسبب التأجيل المستمر، استغنيت عنه».
«عبدالكريم»: النقص فى عدد القضاة والإجازة القضائية الطويلة سبب بطء التقاضى.. و«خلف»: التباطؤ فى إصدار الأحكام شلل أصاب العدالة
لم يختلف الحال بين مجمع محاكم مصر الجديدة، والدقى، فمع استقرار الشمس فى وسط السماء، وارتفاع درجة حرارة الجو، تقف شريفة سعد (45 عاماً)، أمام مجمع محاكم الدقى، فى انتظار ميعاد جلسة ابنها، التى تتأجل منذ أكثر من 4 أشهر على حد قولها: «كل جلسة لابنى القاضى بيأجلها 15 يوم، ومفيش حكم بات فى قضيته، سواء بالبراءة أو الإدانة، لحد ما تعبت»، بتلك الكلمات تصف «شريفة» معاناتها على مدار 4 أشهر، وتتساءل: «ابنى نزل 4 جلسات، وكل جلسة يتم تأجيلها، لو ابنى برىء يخرج ولو مدان ليه مفيش حكم عليه؟»، موضحة أن ابنها يتعرض للمحاكمة إثر مشاجرة نشبت بين جيرانهم، وعند استدعاء قوات الأمن لفضها، ألقى القبض عليه دون أى تهمة، قائلة: «ابنى برىء ومعملش حاجة، ورغم كدا لم يصدر حكم فى قضيته، وأصحاب المشكلة خرجوا وابنى لسه».
«المحامى أتعابه كتيرة بس هو شىء ضرورى عشان أجيب حقى»، كلمات قالتها وفاء عبدالخالق (33 عاماً)، حيث رفعت قضية نفقة زوجية، للحصول على مستحقاتها من طليقها: «رفعت القضية من 2017 ولسه لحد دلوقتى ما أخدتش حاجة من مستحقاتى»، بهذه الكلمات تصف «وفاء» حالها من العام الماضى، مضيفة: «معايا طفلين قاعدة بيهم عند أخويا، وكل جلسة القضية تتأجل، وعايزة أصرف على ولادى، ولو فيه شغلانة كنت اشتغلتها ومنها أخفف العبء على أخويا»، تقول «وفاء» إنها عند قيامها برفع قضية النفقة الزوجية فى بادئ الأمر، أخبرها المحامى الخاص بها أنه سيتم البت فى القضية على وجه السرعة، فور تقديم جميع الأوراق المطلوبة، لكن جرى العمل على خلاف ذلك، حسب قولها.
«أحمد»: «بقالى سنة ونص مش عارف أستخرج إعلام وراثة»
«ليس تباطؤاً فى إصدار الأحكام فقط، بل شلل فى عملية إعطاء الحقوق»، كلمات قالها محمد خلف (38 عاماً)، مدرس ثانوى، يصف بها حاله منذ 5 سنوات، قائلاً: «رفعت قضية ضد وزارة التربية والتعليم، من خمس سنين للحصول على مستحقاتى المالية لكن لم يتم إصدار حكم نهائى فى القضية». وأضاف «خلف» أن هناك عدداً من زملائه فى مدارس أخرى رفعوا نفس القضية معه، وتم إصدار حكم نهائى فى قضيتهم، وحصلوا على مستحقاتهم المالية بالفعل.