هو شخصية مثيرة للجدل، صادم وجرىء، وضعته آراؤه ومواقفه، خاصة المتعلقة بالتراث الإسلامى، فى خصومة شديدة مع «المؤسسة الدينية» ومع معظم مَن يقدسون التراث، لأنه أول مَن هاجموا «صحيح البخارى» وكذّب معظم ما جاء فيه، إلى درجة أن البعض وصفه بـ«عدو البخارى»، كما أنه أول مَن هاجموا «مناهج الأزهر» وزعم أنها سبب فى انتشار التطرف والإرهاب فى مصر والعالم بأسره.. إنه المستشار «أحمد عبده ماهر».. وهو محامٍ بالنقض ومحكّم دولى وكاتب إسلامى.
كنت قد كتبت فى مقالى الماضى بعنوان: «هل تسمح الدولة بجامعة مسيحية؟» عن قضية توحيد نظام التعليم فى مصر عبر دمج التعليم الأزهرى بالعام، التى فجّرها النائب «محمد أبوحامد»، وتحدثت عن دعوى قضائية رفعها الباحث «هشام حتاتة»، أمام المحكمة الإدارية بمجلس الدولة، لفصل الكليات المدنية عن جامعة الأزهر.. وناقشت ميزانية الأزهر التى ترهق الدولة.. بينما تهدر جامعتها مبادئ «المواطنة» و«تكافؤ الفرص».. ثم تأتى «مناهج الأزهر» لتنشر الأفكار التكفيرية فى المجتمع!.
لم أجد أحداً كتب وناقش «المناهج الأزهرية» أكثر من المستشار «ماهر».. فقد أقام أكثر من ثلاث دعاوى قضائية ضد الأزهر بسبب المناهج التى يدرّسها للتلاميذ، ورغم أن هذه القضايا عمرها ما يقرب من 10 سنوات فلم يصدر حتى الآن قرار قضائى فيها!.
ويتهم «ماهر» الكتب التعليمية فى الأزهر، وبالأخص كتاب «الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع»، وغيرها من الكتب التى تدرَّس للطلاب بأنها كتب تقود الشباب إلى العنف والعمل المسلح.. ويقول: هذه الكتب تزعم أن المسيحيين كفار وتدعو المسلمين فى البلاد المسلمة إلى هدم كنائسهم، ودون استئذانهم، وهذا الفكر ولّد العداء فى قلوب المسلمين تجاه المسيحيين وضرب معانى الأخوّة... وتكرس ما سماه «العنف الفقهى المتوارث» وطبقات الجهل المتراكمة فى عقلية هؤلاء الإرهابيين.
كما رصد المستشار «ماهر» فى كتب الأزهر أيضاً منع الزوج من علاج زوجته المريضة بحجة أن الزواج أساسه التلذذ، والزوج لا يتلذذ من زوجته المريضة، فبالتالى لا حقوق لها عنده، وعلى أسرتها أن تقوم بعلاجها.. ويتساءل: هل هذا إسلام؟ والله الدين الإسلامى برىء مما كتبه هؤلاء المعتوهون!. وينتقد الباحث «أحمد ماهر» كتب التراث التى يدرّسها الأزهر، قائلاً إنها مليئة بما هو أفظع وأشنع مما يفعله «داعش».. ففى أحد كتب الأزهر ويعرف باسم «الاختيار لتعليل المختار»، كما يقول ماهر.. إنهم يدعون إلى احتلال البلدان، وقتل الرجال، ووطء النساء، وبيع الأطفال، وهذا ما يفعله تنظيم داعش الآن، ومن الممكن أن يكون التنظيم الإرهابى أكثر رحمة مما تدعو إليه هذه الكتب)!. لقد اتُّهم «ماهر» بالتشيع مرة وبسب الصحابة، وتحديداً الخليفة «عمر بن الخطاب»، فزعموا أنه قال عنه إنه «صنم» من ضمن الأصنام التى صنعها السلفيون بعد وفاة الرسول.. لكن تلك الحملات لم ترهبه ولم يتوقف عن نقده لمناهج الأزهر وكتب التراث.. وعندما سمعنا جميعاً عن تجديد وتنقية المناهج الأزهرية.. كانت الخدعة التى ابتلعناها أن كل الفتاوى الدموية بقيت فى المناهج (من باب العلم بالشىء).. وليس العمل به!.
وهنا قال «ماهر»: (إنهم يدرسون نفس المناهج والكتب، ولكن غيّروا أسماءها وعدّلوا فيها قليلاً.. مثلا كتاب «الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع» تغيّر اسمه إلى «قطوف من كتاب الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع».
فى مارس 2018 أصدر «ماهر» كتابه «إضلال الأمَّة بفقه الأئمة»، ويتضمن حديثه عن مناهج الأزهر، وتقييمه لها. وقال -فيه- إنَّ للأزهر مقرَّرات أنتجت فقه كل جماعات التكفير والعنف فى العالم، علاوة على أنَّ علم التفسير لا يرتكز على قواعد أخلاقية ولا إدراكية ولا أسس ثابتة.. ولم يجد «ماهر» سبيلاً لتجديد «الخطاب الدينى» إلا بغلق الأزهر 10 سنوات، وتكليف مجاميع من الفقهاء المخلصين ليضعوا مناهج جديدة لقراءة جديدة للإسلام.
هذه الفترة ستمكننا من أن نقرأ الإسلام قراءة جديدة وعصرية وحضارية وإنسانية وعلمية وفقاً لقواعد القرآن الكريم. وختاماً تبقى كلمة: إن لم تعجبكم آراء «ماهر» فتذكروا أن: «ناقل الكفر ليس بكافر».