عازف الربابة فى ساحة «القناوى»: «من يوم ما الأبنودى مات محدش مهتم»
شوقى الضوى
فى ساحة المسجد الخارجية كان صوت الربابة حاضراً، تصاحبه كلمات هذه المقطوعة التى تعبّر عن التراث القنائى، كعادة اعتاد عليها مغنيها طيلة أيام الاحتفال بمولد صاحب ضريح هذا المسجد، «سيدى عبدالرحيم القناوى»، الذى سُمى الضريح على اسمه، ومن حوله التفّ الحاضرون وعلى وجوههم ارتسمت آيات الفرحة بهذه الحالة التى خلقتها ربابة «شوقى الضوى»، أحد أشهر الفنانين الشعبيين بمحافظة قنا.
«الربابة دى تراث شعبى من أيام الفراعنة، بس دلوقتى للأسف بدأت تنقرض عشان مفيش حد بيهتم بيها»، هكذا بدأ «شوقى» حديثه، محاولاً استرجاع تاريخ هذه المهنة التى بدأها طفلاً إلى أن قاربت سنين عمره على الخمسين، كانت بدايته حافلة بفنانين اتخذهم قدوة، عندما رأى حب الناس لما يقولون ويعزفون، فالربابة خرجت من قنا، حسب قوله، وكان «الريس متقال» أحد أبرز من تعلّق قلبه بهم، فهو من أبناء مدينة الأقصر التى كانت يوماً ما تابعة لمحافظة قنا التى يعيش فيها، ما جعله يفتخر به كواحد من أبناء محافظته، ويتحسر على قلة الداعمين لهذه المهنة حالياً: «قنا كلها فنانين شعبيين، بس من يوم ما عبدالرحمن الأبنودى مات ومحدش مهتم بالمهنة دية».
«شوقى»: ورثت حبها عن أجدادى
لكل شاعر ربابة آلته التى لا تفارقه، لها شكل مميز يرمز بها صاحبها إلى شىء يحبه أو ينتمى إليه أو يتبارك به، كما هو الحال مع «شوقى»، الذى خرط خشبة ربابته على شكل مئذنة مسجد «عبدالرحيم القناوى»، تبركاً بهذا المكان الأشهر فى المحافظة، والذى يقضى فيه أغلب وقته، حسب قوله، وإلى جانب ربابته ما زال يحتفظ أيضاً بربابة أبيه التى ورثها عنه.
ينظر «شوقى» إلى الربابة فى يديه، ويوضح تكوينها البسيط: «خشبة من الزان رئيسية وطويلة بعض الشىء، فى نهايتها (الجوزة)، وهى الجزء المسئول عن إخراج الصوت، ومن فوق القطعتين كانت أوتار الربابة المصنوعة من شعر ذيل الحصان، والتى أصبح يضاف إليها أوتار أخرى معدنية ليتمكن العازف من مواكبة الآلات الحديثة فى العزف».
تتنوع معزوفات الربابة حسب المناسبة التى تُعزف فيها، فهناك معزوفات «العشرات»، وهى مقطوعات موسيقية مخصصة للرقص، وهناك معزوفات أخرى يطلق عليها «المربعات»، وفيها تكون السيرة والموال، يلقيها أكثر من فنان فى آن واحد ويردون فيها على بعضهم البعض، وإلى جانب هذا وذاك هناك الأغانى التراثية التى تعبّر عن المجتمع الذى يعيش فيه عازف الربابة الذى يجب ألا يقتصر على العزف فقط، وإنما عليه أن يتعلم الغناء أيضاً حتى يحوز على لقب «الريس»، الذى لا يُطلق إلا على من يعزف ويغنى معاً، حسب «شوقى».
لمشاهدة الصور اضغط هنا