بين الحين والآخر، نتقابل مع أناس يكونون بمثابة مصدر للقوة، ومنبع لتجديد العزيمة، ورسم الخطط؛ للسعي دائما نحو الأفضل، بما هو متاح، وفي حدود الإمكانيات، فتلك المرة مختلفة، وثرية، ومفيدة لي، ولك أخي القارئ العزيز. فمنذ عدة أيام في إحدى دورات تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، التقيت بمفكر، أو ربما مجدد في وسطه، حيث أثار إعجاب الجميع من الحضور، لنبرته العالية في الدفاع عن مدى قوة المجتمع المصري وصلابته، الذي نعيش فيه سويًّا، وقناعاته القوية في التحول بالمجتمع من حال إلى آخر؛ جعل الجميع في حال تساؤل دائم ومستمر، وأثار تفكيرنا، هل هذا الرجل يتحدث عن المجتمع المصري حقا أم ماذا؟
فإيمان الرجل بفكرة التغيير، ورؤيتة للإصلاح، نابعة من تجارب حياتية وعلمية مختلفة، على مدى عدة عقود؛ فهو الأستاذ الدكتور حسام خليل، أستاذ جراحة العيون بكلية الطب، وزميل جامعة ميجل هرنانديز (إسبانيا)، فدائما حديثة نابع من قراءة للواقع الحالي، وما يعيشة مجتمعنا، وبحكم سفره، واطلاعة على ثقافات مختلفة، انتهى إلى نتيجة مختلفة عما نسمعه دائما، من غالبية الباحثين الذين يسافرون للدراسة أو العمل بالخارج، مفادها "إن ما يعيشه المصريون في الفترة الحالية هو وضع جيد، مقارنة بمجتمعات أخرى كثيرة". وتكمن فكرته ورؤيته للنهوض بحياتنا على مستوى الأفراد أو الجماعات؛ في الإيمان القوي، والقناعة التي يجب أن يتحلى بها جموع الشعب المصري، تتمثل في أن الوضع الحالي، وخاصة الفترة الأخيرة التي نعيشها، هي فترة جيدة، فمراجعة الواقع هي بداية الطريق السليم، حتى نتعرف وندرك المشكلة بكل أبعادها، وهو أفضل بكثير من الدخول في تفاصيل، والتغني بنغمات لا يؤمن بها أي أحد يريد أن يطور نفسه، ويتقدم بمجتمعه، فتلك رؤية ظلامية، لا ترى إلّا العيوب، وتوجه سهام النقد، وتختصر كل الواقع بجملة "مافيش فايدة" فاقدين الأمل، متناسين أي شعاع للنور.
تأكيدًا منه على أنه ليس هناك دولة متقدمة شعبها "مهزوم داخليا"، فالأولى والأرجح إبراز جوانب القوة وتأكيدها، دون التطرق والغوص في السلبيات، فالمجتمع مليء بنقاط قوة، ومميزات يتفرد بها، دون غيره من المجتمعات، منها (وجود بنية تحتية قوية الآن تعمل على جذب العديد من الاستثمارات الخارجية، ومردودها في القضاء على البطالة أصبح ملحوظا، وجود العديد من المشروعات القومية الموجودة حاليا على أجندة الحكومة ورغبتها في إحداث تنمية حقيقة مستدامة للأجيال القادمة، وغيرها الكثير والكثير، بالإضافة إلى وجود وازع ديني قوي يوحد سلوكيات كثيرة، يمكن استغلالها في إحداث نقلة نوعية داخليًّا وخارجيا، كما يفعل شيخ الأزهر والبابا، ودورهم الرائد في تحسين وإبراز الصورة الرمزية لدولتنا العريقة.
وإجمالا للرأي؛ لا تقدم ولا تطور دون الإرادة الحقيقية من الجميع، تتمثل في إبراز نقاط القوة، والسعي إلى تطويرها واستغلالها، متناسين بقصد مصادر الخلاف، والفرقة، وتوجية النقد، لمجرد النقد وفقط، حتى نشارك في بناء مجتمع قوي بأساس وطني من الجميع.