لا ولن أستطيع نسيان ما حدث لنا (الشيخ إمام وأنا) فى ليلة الرؤية بدءا بالإفراج عنا من معتقل القناطر الخيرية مرورا بالاحتفال الحميم الذى استقبلنا به أهالى حوش آدم دون سابق ترتيب فرسم أحدهم بالحبر على باب منزلنا سفينة كأننا عائدان من الأراضى الحجازية بعد أداء فريضة الحج، وتطوع آخر بإشغال الزينة الكهربائية فى الشارع ولا نعرف من هو ولم ينقص تلك الليلة إلا المغنى ولما سألت عبده قال عيب يابو النجوم حد برضه يعرج فى حارة المكسحين؟!!
يا حبيبى يا شعب مصر العظيم يا سيدى وتاج راسى، تهون فى حبك كل التضحيات مهما عظمت ويبقى حبك فى القلب والجوارح مدى الحياة!
فى المقهى الصغير المواجه لمبنى الأهرام القديم فى وسط البلد جلست مع المرحوم سيد خميس الوحيد الذى أعرفه من بين الجالسين سألته:
فين شعراء فلسطين؟
لم يندهش من السؤال وقال: فى فلسطين.
قلت:
- أقصد.
فقاطعنى قائلاً:
- تقصد ضيوف شعراوى جمعة.
قلت:
- وما دخل شعراوى جمعة فى الموضوع؟
قال ضاحكاً:
- شعراوى جمعة هو الموضوع.
قلت:
- يعنى إيه؟
قال:
- يعنى ما سمعته.
قلت اسألنى عن مجموعة الشعراء الفلسطينيين التى شرفت مصر بالحضور.
قال:
- فى ضيافة السيد شعراوى جمعة نائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية وأمين التنظيم كذلك.
قلت:
- كذلك؟
قال:
- كلهم عادوا إلى قواعدهم ولم يبقى منهم سوى محمود درويش.
قلت:
- محمود درويش نعم أين أجده الآن؟
فأشار إلى مبنى الأهرام قائلاً:
- تجده فى الدور السادس فى مكتبه، ولم أدعه يكمل الجملة حيث انطلقت كالقذيفة إلى داخل مبنى الأهرام القديم يحملنى الأسانسير إلى الدور السادس حيث مكتب فتى فلسطين الشاعر العظيم محمود درويش، صوت الجرح الذى أصاب الأمة العربية فى القلب فأدماه.