علمونا فى المدارس أن سيدة وقفت فى الجامع أثناء خطبة سيدنا عمر بن الخطاب، وقالت له «أخطأت يا عمر»، فرد قائلاً «أصابت امرأة وأخطأ عمر»، تواترت هذه الرواية كدلالة على ديمقراطية «عمر» لكنها فتحت فى عقلى منذ الصغر عدة أسئلة:
- كيف يقال إن صوت المرأة عورة وسيدنا عمر لم يرد عليها «اخرسى واللا وطى صوتك»!!
- لو كان الاختلاط حراماً، ومكان صلاة السيدات معزولاً ولها باب تانى خلف المسجد كحال هذه الأيام، «الست دى وصلت له وكلمته إزاى؟»
- من أين استمدت هذه السيدة القوة لترد وتخطئ أعظم خليفة.. الذى كانت جيوشه تجوب الأرض شرقاً وغرباً، ونحن فى هذه الأيام يخشى الكثير من النساء والرجال أيضاً الحديث مع المدير فى العمل!!
- هل تعلمنا الدين الإسلامى حقاً أم تعلمنا دين آبائهم؟
فى قراءتى للتاريخ الإسلامى، خاصة تاريخ النساء الذى أخفى عن عمد، وجدت قصصاً كثيرة تعكس صورة مغايرة تماماً عن ما نقل لنا، من هذه القصص، قصة السيدة أسماء بنت عميس، راوية الحديث ونزلت رداً عليها الآية 35 من سورة الأحزاب، وكانت ملقبة بذات الهجرتين ومُصلية القبلتين لأنها هاجرت إلى الحبشة ثم إلى المدينة، عندما رجعت من الحبشة سألت النساء عن القرآن لتحفظ ما فاتها وبعد أن سمعت سألت: هل نزل فينا من شىء؟!! فلم يأتها رد، فذهبت لنساء النبى فقالت: هل نزل فينا شىء من القرآن؟ قلن: لا، ذهبت للرسول (صلى الله عليه وسلم) فقالت: يا رسول الله إن النساء لفى خيبة وخسار، لأنهن لا يذكرن بخير كما يذكر الرجال، لم ينهرها الرسول أو يقل أنت كفرت، ولكن جاء الرد من الله، حيث نزلت الآية 35 من سورة الأحزاب، وهى الآية التى تتحدث بلغة المساواة أكثر من المواثيق العالمية لحقوق الإنسان وحقوق المرأة، بل تؤكد خطأ كل ما قيل عن أن قواعد اللغة العربية التغليب فيها للمذكر، لأن فى هذه الآية 20 مخاطباً له ولها، رجالاً وسيدات.
بسم الله الرحمن الرحيم:
«إنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً» (35).
أسماء لم تعبر عن حقها فقط إنما شجعت النساء أن يشعرن بالمساواة وينفذنها، منهن أم سلمة زوجة الرسول فى إحدى الروايات سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول عند المنبر: «يا أيها الناس، فهمت بتلبية النداء، قالت لها إحدى السيدات، يقول يا أيها الناس، ردت أم سلمة قالت لها «أو لسنا من الناس!!!»، وكانت أسماء بنت عميس قوية لا تقبل تمييزاً، حتى ولو على سبيل الدعابة، فقد قابلت عمر بن الخطاب فقال لها مداعباً سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله منكم.. فلم تطق أن يظن فى مهاجرى الحبشة أنهم أقل قدراً، فردت عليه وقد تملكها الغضب: كلا والله.. كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم وكنا فى دار البعداء بالحبشة وذلك فى الله وفى رسول الله، وأيم الله لا أطعم طعاماً ولا أشرب شراباً حتى أذكر ما قلت لرسول الله، فلما جاء النبى عليه السلام قالت له: يا نبى الله إنّ عمر قال كذا وكذا، فقال النبى (صلى الله عليه وسلم): فما قلت؟.. قالت: قلت كذا وكذا.. قال: (ليس بأحق بى منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان).