مستشفى الساحل: معاناة المصابين تبدأ بـ«تذكرة الدخول».. ولا تنتهى فى غرفة المرضى
داخل أروقة الطابق الخامس بقسم العلاج الاقتصادى بمستشفى الساحل التعليمى، بمنطقة روض الفرج فى وسط القاهرة، ترقد خمس حالات من ضحايا الهجوم المسلح الذى استهدف كنيسة السيدة العذراء الواقعة على كورنيش الوراق أمس الأول، ما زالت رصاصات الغدر تسكن أجسادهم المنهكة، بعد أن عجز الأطباء عن تسكين ألمهم حتى الساعات الأولى من صباح أمس، سواء بالمسكنات الطبية أو بالكلام المعسول للمريض من نوعية «أنا مش هاعمل سحر، لا بد أن يستمر الألم حتى بعد العملية التى سوف نجريها بكرة وحاولى تستحملى شوية».. هكذا تحدث أحد الأطباء إلى هويدا رفعت، المصابة بطلق نارى فى الساق اليمنى وقطع طولى قدّره الطبيب المعالج بـ30 سم فى الساق اليسرى. «مريم بنتى أخبارها إيه؟».. سؤال تتوجه به السيدة الثلاثينية إلى كل من يدخل إليها غرفتها، للاطمئنان على حالة ابنتها التى ترقد فى معهد ناصر، يخفى الأطباء عنها خطورة الحالة الصحية لطفلتها، لكنها بإحساس الأم تشعر بمعاناة ابنتها مريم ذات الـ12 عاماً، التى أصيبت بطلق نارى فى البطن ويجهز لها الأطباء غرفة العمليات بمعهد ناصر لإجراء عملية جراحية وصفها الطبيب المعالج بـ«الخطيرة» لإخراج طلقة الرصاص من جسدها، وسوف تخرج من العملية إلى غرفة العناية المركزة وفقاً للدكتور عماد الدين الحديدى، نائب مدير معهد ناصر. حالة القلق لا تتوقف داخلها رغم ألم جسدها المستمر، لكن الشكوى منه تأتى فى المرتبة الثانية بعد ابنتها، التى بدأت مع دخولها المستشفى؛ حيث أصر الأطباء على قطع تذكرة لها قبل الدخول، وكان ذلك، كما تقول، سبباً فى تأخر توقيع الكشف عليها، وهو ما وجّه به الطبيب المعالج ووثقته «الوطن» بالتسجيل الصوتى. وتضيف السيدة أن الأطباء طلبوا منها شراء الشاش والقطن؛ لأنهما غير متوافرين بالمستشفى.. تقطع حديثها عن معاناة الدخول وتوقيع الكشف عليها، لتشتكى من الألم الذى لا يتوقف فى قدميها، يحاول معها الطبيب المعالج تحديد مكان الألم وينهى حديثه معها طالباً منها أن «تتحمل شوية».
تتذكر السيدة، التى رفضت نشر صورتها، ما حدث لها ولأسرتها متسائلة: «ليه يعملوا فينا كده؟ إحنا ذنبا إيه بس؟ ربنا ينتقم منهم الظلمة»، تعود للسؤال عن ابنتها مجدداً، لا تختلف ردود الموجودين معها فى الغرفة كثيراً عن المرات السابقة، بينما طفلتها تدخل إلى غرفة العمليات فى الخامسة فجراً، وبعد ساعة واحدة من خروجها تفقد حياتها، وتظل الأم التى تشعر بما حدث لابنتها تتمنى أن يخيب ظنها وتخرج ابنتها بخير.
فى السرير المجاور لها، ترقد شقيقة زوجها هدى فهمى، المصابة بطلق نارى فى القدم اليمنى، لكن حالتها مستقرة، وفقاً للتقارير الطبية، بينما تجلس بجوارها مونيكا سعد، إحدى قريباتها، لتؤكد أن الممرضة طلبت منها شراء «رابط ضغط طبى» ولم يكن معها نقود، ما دفعها للجوء إلى مرافق أحد المرضى فى الغرفة المجاورة لاقتراض الثمن.
فى الغرفة المجاورة يرقد زوجها نبيل فهمى، أربعينى العمر، مصاباً بكسر مضاعف فى الجانب الأيمن، لكنه لا يستطيع الكلام ويكتفى بتعبيرات وجهه التى تعبر عن آلام جسده، بينما بجواره يرقد رامى سمير، شاب ثلاثينى، مصاباً بطلق نارى أسفل الركبة، تتساقط دموعه قائلاً: «أبويا مات وأنا رجلى مدمرة، إحنا مالناش فى السياسة ولا غيرها، طيب يموّتوا أبويا ليه بقى؟ إحنا كنا فى فرح مش مظاهرة أو خناقة».
خارج المستشفى اشتعلت المشادات الكلامية بين ثلاث فئات كسرت سكون الليل المعتاد مع اقتراب عقارب الساعة من الثانية عشرة منتصف الليل؛ حيث تطبيق حظر التجول فى إحدى المناطق التى تشهد وجودا أمنيا مكثفا من قوات الجيش التى تمركزت فى أكمنة متفرقة بشارع شبرا، الفئة الأولى: أهالى ضحايا الهجوم المسلح على كنيسة الوراق، الذين احتشدوا من أجل الاطمئنان على ذويهم، قدم العديد من شباب الأقباط ومنطقة الوراق بهدف التبرع بالدم للمصابين، ومجموعة من العاملين بوسائل الإعلام المختلفة الذين مُنعوا من ممارسة عملهم وتغطية الحدث وتبعاته، فى المقابل يقف أمن المستشفى المدعوم برجال الشرطة، ليمنع أى شخص من الدخول تنفيذاً لتعليمات قال إنه تلقاها من مدير المستشفى، مؤكداً أنه للدخول ينبغى الحصول على تصريح خاص من المدير.
الأخبار المتعلقة:
معهد ناصر: «صراخ» مستمر بـ«الطوارئ».. و6 عمليات للمصابين
دموع وآلام أمام مشرحة زينهم فى انتظار «الضحايا»
شهود عيان: «ملثمان» على موتوسيكل أطلقا الرصاص على الكنيسة
«الببلاوى» يعزى البابا «تواضروس» هاتفياً فى ضحايا الحادث
أقباط يعلنون الغضب على الحكومة.. ووقفة قبطية أمام مجلس الوزراء للمطالبة بمحاكمة وزير الداخلية
راعى كنيسة «الوراق»: الهجوم هدفه إثبات أن الوضع فى مصر غير مستقر
رئيس «الإسعاف»: 4 قتلى بينهم طفلتان و17 مصاباً حصيلة الهجوم الإرهابى
تحقيقات النيابة: منفذو الحادث استهدفوا المجنى عليهم بطلقات آلية فى الرأس والرقبة والصدر مباشرة
«الوطن» تنشر تفاصيل الهجوم الإرهابى على كنيسة «الوراق»
الإرهاب على أبواب «مريم العذراء»