الأسبوع الماضى فاز د. سعيد دراز، رجل الأعمال المصرى، بجائزة أفضل مستثمر أجنبى فى غانا، وحصلت شركته المصرية على جائزة الذهب الأفريقية لعام 2018، عن إجمالى استثماراتها هناك، وهى الجائزة التى تمنح سنوياً لأكثر الشركات تميزاً فى مجال الاستثمار، وقد تسلمها من وزير الخارجية الغانى.
«دراز» حجم استثماراته فى غانا بمليارات الدولارات، ويملك مصفاة للذهب تحتل المركز الأول تقنياً فى أفريقيا والخامسة عالمياً، والتى افتتحها الرئيس الغانى فى نوفمبر الماضى. حينما قرأت هذا الخبر تذكرت حواراً لى مع الأستاذ ولاء مرسى أمين عام ائتلاف المصريين فى أوروبا، حول أموال المصريين فى الخارج، حيث يؤكد أنهم يمتلكون أكثر من 180 مليار دولار، ويجب أن يكون لدينا رؤية لكيفية جذبها واستثمارها فى مصر، خاصة أن الدولة مؤخراً أعطت ملف المصريين فى الخارج أهمية كبيرة، وأنشأت لهم وزارة تتولاها الوزيرة النشطة نبيلة مكرم، وعقدت ثلاثة مؤتمرات تحت رعاية الرئيس، للاستفادة من خبراتهم وأفكارهم فى نهضة البلاد.
أموال المصريين فى الخارج تختلف عن تحويلات العاملين فى الخليج، فالأخيرة تأتى إلى مصر تلقائياً، ولا مشكلة فى ذلك، وهى ضئيلة جداً مقارنة بالأموال الموجودة فى أوروبا وأمريكا.
السؤال هنا: كيف تستطيع الدولة إقناعهم بتحويلها إلى مصر؟ الإجابة من خلال مشروعات استثمارية صناعية إنتاجية بأن تقدم لهم الدولة إغراءات كثيرة تشجعهم على سحب أموالهم من البنوك الأجنبية واستثمارها فى بلدهم. صحيح أن الدولة، ومن خلال وزارة الإسكان تطرح قطع أراضٍ ووحدات سكنية للمغتربين، ولكن أتمنى بجانب ذلك أن تكون هناك رؤية لجذب هذه الأموال واستثمارها فى المشروعات الإنتاجية بدلاً من تجميدها فى العقارات وتسقيعها والاتجار فيها، وهذا لا يحقق قيمة مضافة للناتج القومى، لذلك سعدت كثيراً حينما قرأت خبراً عن عزم أسرة اللاعب محمد صلاح شراء 1000 فدان أرض صحراوية واستصلاحها وزراعتها، لأن هذه هى المشروعات الحقيقية التى تحتاجها مصر، والتى تسهم فى توفير الغذاء وفرص العمل، والحد من الاستيراد، واستنزاف العملة، وتخفيض الأسعار، وتساعد على تحسين مستوى معيشة المواطن.
من المؤكد أن لدينا الكثير من أمثال المستثمر المصرى د. سعيد دراز فى كل دول العالم، حققوا نجاحات هائلة يجب الاستفادة من أموالهم وخبراتهم فى النهوض ببلدنا، وألا نكتفى فقط بعقد مؤتمر كل سنة لمدة ثلاثة أيام فى أحد الفنادق الفخيمة، وينتهى بتوصيات الله أعلم بمصيرها.
وبعد تجديد الثقة فى الوزيرة نبيلة مكرم يجب أن تضع رؤية لكيفية الاستثمار الأمثل لأموال المصريين فى أوروبا وأمريكا، وبالتعاون مع وزارة الاستثمار، خاصة ونحن لدينا حالياً خريطة استثمارية موحدة تشمل كل الفرص الاستثمارية المتاحة فى كل المجالات، وهنا يأتى دور سفرائنا بالخارج فى التواصل مع المصريين الناجحين، وإقناعهم بالاستثمار فى بلدهم وعرض الفرص الاستثمارية عليهم، وأن يكون ذلك أساس تقييم السفراء فى عملهم.
الاستثمار فى مصر واعد، والدولة حالياً تمنح المستثمرين حوافز كثيرة تُغرى المصريين فى الخارج على استثمار أموالهم فى بلدهم أفضل من تجميدها فى بنوك أوروبا بالسالب وسداد ضرائب عنها.
مصر تحتاج إلى أفكار خارج الصندوق، وتكاتف أبنائها فى الداخل والخارج، والعمل بإخلاص حتى تحيا قوية وناهضة.