المبلط.. الفهلوة وعدم الالتزام يهددان حرفة «الفن والجمال»
عبدالله
صناعة السيراميك لم تكن قائمة لولا وجود صناع مهرة، يستطيعون وضع الواحدة تلو الأخرى فى لوحة فنية تجذب إليها الأنظار، وتستطيع تحويل أكوام الجبس والرمال ومكونات السيراميك إلى أرضية تبهر الأعين من شدة جمالها فهى «فن وحرفة ومهارة» كما وصفها عبدالله صبرى، من التجمع الخامس، ٣٤ عاماً، صاحب محل أدوات صحية، حيث أبدى إعجابه الشديد بتلك المهنة والتى لولاها لما كان للبيوت جمال ولا عنوان، حسب وصفه، حيث يقول: «مش هقدر أنكر الدور المهم للمبلط، فى إنه يخلق شكل جميل للبيت، فجمال البيت علشان يظهر لازم يكون المبلط شاطر، مش كل شوية بلاطة تتشال من مكانها أو تتكسر أو الأرضية تريح».
«عبدالله»: «المبلط بوظ الريسيبشن ومارضيش يصلحه ودفعنا لغيره تكسير وتركيب»
«المبلط بوظ الريسيبشن بتاع خالى ومارضيش ييجى يصلحه فجبنا واحد تانى أخد أجرة للتكسير وأجرة تانية للتركيب»، هكذا تغير وجه «صبرى» عندما تذكر ما حدث فى شقة خاله، من إهمال من الصنايعى «المبلط»، حيث إنه قام بالتركيب الخاطئ لبعض قطع السيراميك، مما جعلها تهبط عن مستوى الأرض «طبلت» لتبدأ معاناة الأسرة فى إيجاد حل لهذه المشكلة حيث لا يمكنهم تركها دون معالجة وذلك لأن الريسيبشن يمثل مكاناً مهماً بالنسبة لهم حيث إنه واجهة الشقة.
«اتصلنا بيه ماردش، كلمناه من رقم تانى رد وادانا ميعاد وماجاش»، قالها «صبرى» واصفاً ما حدث حينها بأنه شىء سيئ، وعلى الرغم من ذلك الأمر إلا أنه توجه إلى مبلط آخر وأحضره، وأصلح ما أفسده زميله المبلط الآخر، وأخذ ثمناً للتكسير وثمناً للتركيب.
ويضيف «صبرى» أن من أسوأ عيوب «المبلط» أنه لا يلتزم بمواعيده، فهو يعطى موعداً ثم يؤجله، فلا بد من وجود رقيب عليهم، وكذلك لا بد من توفير أماكن جيدة لتدريب هؤلاء، حيث يقول: «بستغرب أوى من حكاية عدم الالتزام بالمواعيد دى، لكن عموماً أتمنى فى الفترة الجاية يكون فيه اهتمام شوية بالناس دى، لأن هما الأساس وأهم من مصنع السيراميك نفسه، وأنا مابيعجبنيش أشوف شاب صغير جداً شغال فى الصنعة، طب ده اتعلم إمتى وفين وإزاى، يمكن وجود الصغيرين دول هو اللى خلى الشغلانة بقيت تخوف الناس منها».
«عبداللطيف» مبلط: «الشغلانة محتاجة الصنايعى المتعلم اللى يقدر يخرّج من تحت إيديه شغل موزون»
ويقول عبداللطيف الجناينى، من كفرالشيخ، ٣٣ عاماً، ويعمل مبلطاً: «أنا فى الشغلانة دى بقالى ١٢ سنة، شربت المر علشان أتعلم، فضلت سنتين من غير ما آخد مليم واحد حتى، وبعد كده الوضع اتحسن وبدأت أمسك شغل لحسابى».
«لازم الصنايعى يبقى على الأقل بيفك الخط»، قالها «الجناينى» ليعبر بها عن رغبته فى أن يكون الصنايعى على قدر كبير من العلم، وذلك لأن تلك المهنة تحتاج إلى قياس الأبعاد والزوايا وكتابتها، حيث قال: «فى الأول ماكنش التعليم ضرورى أوى، كان أى حد يقدر يلزق بلاط وخلاص، سواء بقى عالى واطى مش فارقة، لكن دلوقتى الوضع اختلف كتير، لأن الميزان خلى الكل يفكر ألف مرة قبل ما يشتغل الشغلانة دى، ده غير إن فيه أنواع كتيرة من السيراميك بتحتاج شغل من نوع خاص، سواء فى التقطيع أو حتى فى اللزق، وده بيكون محتاج إن الصنايعى يكون دماغه شغالة وعلى الأقل بيعرف يفك الخط».
ويضيف: «بخصوص الزبون بقى فده بقى صعب ينضحك عليه، لأنى بكتب له كشف وبقوله روح سعّره عند واحد واتنين وتلاتة، فقبل ما أبدأ شغل هو بيكون عارف المون بتاعته مكلفة كام، فالزبون مستحيل ينضحك عليه، لكن الناس دايماً بتتهمنا بالسرقة، لأن إحنا اللى قدامهم، ماهو مايقدرش ينطق كلمة فى محل السيراميك، لكن عادى معانا بيتكلم براحته، مع العلم إن إحنا زيه وأكتر، لأن لما الأسعار بتزيد على اللزوم بنقعد إحنا فى بيوتنا من غير شغل».