لولا الخشية من احتساب الأمر شخصياً لحددنا بالأحداث والوقائع والأماكن وأسماء الشوارع مختلف المناسبات التى تقاعس فيها كثيرون من المحافظين وتركوا أموال الشعب مهدرة وأحوال وشئون وصحة أبناء الشعب مستباحة!
وبإمكاننا أن نفعل ذلك لأكثر من محافظة ومع أكثر من محافظ وليس فقط المحافظة التى نعيش بها.. فالمعلومات تأتى إلى حد التدفق تحمل من الشكوى الكثير ومن الحسرة أكثر وأكثر!
فعلاً هناك محافظون رائعون.. يؤدون دورهم على الوجه الأكمل وكما ينبغى وكما طلب منهم وكما تم تكليفهم به.. لكننا الآن بصدد دعم متخذ القرار بأى مؤشرات ممكنة ومفيدة.. حيث إن الطبيعى أن يؤدى المحافظ، أى محافظ، وكل موظف عام، دوره، وأن يقوم بمتطلبات وظيفته وما كلف به.. غير الطبيعى أن يستمر المهمل ومن لم يتق الله فى مهامه وفى حق الناس والوطن عليه ولم يؤد أمانته.. هؤلاء تغييرهم واجب واستبعادهم ضرورة!
أداء من لم يؤدوا ما كلفوا به يختلف من محافظ إلى آخر ومن محافظة إلى أخرى.. منهم من استكان لمكتبه ولمتابعة كل شىء منه.. ليس عن قدرة جيدة على التخطيط الجيد والمتابعة بوسائل حديثة وإنما لعدم قدرته أو تعوده أصلاً على العمل الجماهيرى ولا التفاعل مع الناس.. وبالتالى يفتقد مثل هذا ترمومتر القياس الجماهيرى الذى يمكنه من خلاله قياس أحوال المواطنين وتراوحها بين الرضا والسخط وبين الرضا المطلق والغضب العارم.. مثل هؤلاء ظلوا الفترة الماضية أسرى لكبار موظفى الديوان العام، وحظ هؤلاء فى الوقوع فى الخطأ كبير، والتلاعب بهم وارد، واعتقادنا أن من تورطوا فى قضايا فساد كانوا من هذا النوع!
نوع آخر منهم تجده أينما كانت الأضواء.. الأضواء المقصودة عديدة من زيارة وزير أو مسئول كبير آخر إلى محافظته أو عمل ما يستهوى كاميرات الفضائيات كإزالة مخالفة مهمة لشخص مهم أو لإغلاق مركز للدروس الخصوصية وما يحدث معه من جلبة تبرز المحافظ كمن يحافظ على القانون والنظام العام ومصالح الطلبة، أو تجده فى افتتاح معارض السلع الأساسية فى شهر رمضان أو غيره.. قد يقص شريط الافتتاح.. قد تهتف له بعض الجماهير بل قد يكون ما سبق مهماً فعلاً لكن بشرط أن تكون شوارع محافظته معقولة الاهتمام وليست حتى جيدة الاهتمام وأن لا نجد أطنان بل جبال القمامة موجودة فى كل مكان وبحيث لا نرى أطنان وجبال مخلفات المبانى ملقاة فى الطرقات العامة حتى كادت أن تخفى الكثير منها وبعضها كان فى عداد الطرق السريعة وبشرط أيضاً أن لا يفتتح معارض السلع ويغلق مراكز الدروس الخاصة ويترك المقاهى تحتل الأرصفة ويتم إبلاغ الأحياء ولا مجيب ومن دون أن تكون أغطية الصرف الصحى قد سرقت ولم يتم استبدالها وتكون حياة الأهالى فى خطر!
مهم حقيقة أن يهتم هؤلاء المحافظون بمثل ذلك، لكن وقد اختفت الشكوى من «تقطيع» المسافات والمحطات من سائقى السيارات الأجرة وقد اختفت معها بلطجة البعض منهم وإرهابهم للمواطنين أو عدم تقطيعها لكن عدم احترام أول الخط من آخره و«إلقاء» الركاب قبل المحطة الأخيرة بمسافات كبيرة كما يحدث من البعض فى سيارات الأجرة بين المدن فى العديد من المحافظات أو من يحملون فوق العدد المسموح به فتتحول الرحلة إلى عذاب فوق العذاب، فضلاً عن المخاطر التى يتعرض لها الركاب على الطرق السريعة!
نوع آخر من المحافظين يزور الأحياء أو المدن والمراكز ويلتقى الجماهير فى المؤتمرات ويستمع إليهم فى الزيارات لكن تدخل شكاواهم من هنا لتخرج من هناك! لأن أذن المحافظ منهم تحت هيمنة المستشارين والمقربين والمساعدين.. يعود إلى مكتبه فيسألهم ويستأنس بآرائهم فتكون خلاف ما قال الأهالى وتحددها مصالحهم أو مصالح من يحمون مصالحهم.. والنتيجة من هذه النوعية من المحافظين أبراج مخالفة للتراخيص والإجراءات وأدوار إضافية تخالف أيضاً التراخيص والإجراءات ووحدات سكنية تذهب لغير مستحقيها وتأشيرات ندب فيها من المجاملات أكثر مما فيها من المصلحة العامة ونقل تعسفى انتقامى بعد توصية من متنفذ قد يكون عضواً برلمانياً!
وتكون النتيجة من ذلك شيوع الفوضى والمحسوبية وعزلة المحافظ الذى يلتقى الأهالى ويزورهم لكن الحاجز بينه وبينهم أكبر مما يتخيله!
وقبل الختام نكرر أن هناك كثيرين جيدين يستحقون البقاء والاستمرار بل واستمرارهم فى محافظاتهم حتى يتم التراكم المنشود.. لكن أملنا وأمل الملايين أن لا نرى محافظاً واحداً من النماذج التى أشرنا إليها.. وقد تكون ونحن نكتب هذه السطور قد انتهت قائمة المحافظين الجدد فى شكلها النهائى ولا معنى لكل ما سبق.. وقد تكون لم تعد بعد.. إلا أن التمهل ضرورى.. فالتأخر فيها ثم إعدادها على النحو الأمثل أفضل جداً من التعجل فيها ثم نكون أمام اختيارين كلاهما مر.. الصبر وتحمل أى متقاعس جديد غير جدير بالموقع غير قادر على تحمل المسئولية العامة.. أو تغير كل منهم عند الضرورة بما يبرز سوء الاختيار والتسرع فيه وما لذلك من خسائر أهمها على الإطلاق تأثر مصالح الناس ومعنوياتهم!
المحافظون باختصار غير الوزراء.. على تفاعل واحتكاك دائمين بالمواطن وهم ممثلو الرئيس مباشرة.. إن أحسنوا عاد الإحسان على مصر كلها.. وإن أساءوا عادت الإساءة على مصر كلها والرئيس والحكومة.. وأن نتأخر فى اختيارهم أسبوعاً أو بعض أسبوع.. أفضل من الندم على اختيارهم عاماً أو بعض عام!