قال رئيس الجمهورية خلال حديثه فى الجلسة الأولى للمؤتمر الوطنى السادس للشباب الذى عُقد فى جامعة القاهرة مطلع هذا الأسبوع إن عملية بناء الإنسان والشخصية المصرية عملية مجتمعية وليست حكومية، وهذه الكلمة محورية، لأن الاعتماد على الحكومة وحدها فى بناء الإنسان وإعادة الاعتبار للشخصية المصرية لن يكون ذا فائدة، بل لا بد من تضافر مجتمعى يشارك فيه الإعلام والمدرسة والمسجد والكنيسة والجامعة والجمعيات الخيرية.. إلخ.
وليس من شك فى أن واجب الوقت اليوم فى السنوات الأخيرة هو إعادة الاعتبار للشخصية المصرية، وإظهار تفرد مصر بمقوماتها ومعالمها ومكانها الفريد وحركتها الحافلة للتاريخ، فالمصرى متدين تديناً يصنع الحضارة، والمصرى قوى، والمصرى محب للعلم، والمصرى محب للخير، وبيان كل ذلك له أثر وانعكاس إيجابى على نفسية الإنسان المصرى عموماً والشاب المصرى خصوصاً، خاصة مع خطاب اليأس والإحباط الذى تبثه التيارات المتطرفة، لكن هذه المكونات تعرضت للاهتزاز فى السنوات الأخيرة، ورأينا بعض السلوكيات التى لا تنسجم مع طبيعة المصرى، كزيادة نسبة المقبلين على شرب المخدرات والمسكرات بين الشباب.
من هنا كانت الجهود المختلفة التى يقوم بها مخلصون لبناء الإنسان المصرى من هنا وهناك، ومن هذه الجهود الدور الذى تقوم به (الجمعية المصرية العامة لمنع المسكرات ومكافحة المخدرات).
هذه الجمعية تمضى فى بناء الإنسان المصرى بقاعدة (منع الضرر أولاً)، وقد اطلعت على جانب من دور الجمعية، الدورة التى أقامتها بعنوان: (توعية المجتمع بخطورة تعاطى المخدرات والمسكرات والتدخين)، وبحضور عدد من العلماء والخبراء وفريق من أئمة الأوقاف بالتعاون مع مديرية أوقاف القاهرة وبإشراف المهندس عبدالخالق طه، مدير التدريب، وقد رأيت أن أسجل عدة نقاط يمكن لمجلس إدارة الجمعية أن يضعها فى الاعتبار:
- الدعوة لعقد مؤتمر موسع ترعاه رئاسة الجمهورية للحد من الظاهرة.
- الكف عن تقديم نماذج التدخين والمخدرات فى الدراما، وعن توصيف حالة المدمنين والانتقال للحل بدلاً من التوصيف.
- عدم الاكتفاء بمخاطبة المدمنين فقط، وإنما توجيه الخطاب لغير المدمنين لوقايتهم قبل الوقوع فى المحظور.
- على رجال الأعمال تدعيم هذه الجمعية والجمعيات المشابهة لافتتاح فروع فى محافظات مصر المختلفة.
- إصدار عدد من المنشورات الصغيرة للحد من انتشار الظاهرة.
- تفعيل ما يمكن تفعيله من مبادرة مؤتمر الـ27 لرؤساء مكافحة المخدرات الذى عقد سنة 2017، وقد أوصى بالمضى قدماً فى إنشاء مركزين تنسيقيين إقليميين ببلدان شمال وشرق أفريقيا، على أن يقع مقر المركزين بديوان قطاع مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة بمصر. والخلاصة أن بعض هذه التوصيات يخص الجمعية وهى تعمل عليه بالفعل، وبعضها توصيات تحتاج أن يتكاتف من أجلها الجميع حكومة ومجتمعاً، وفى كل الأحوال فإن ما تقوم به الجمعية هو التطبيق الفعلى لتوصيات مؤتمر الشباب فيما يخص جانب بناء الإنسان المصرى، ذلك الإنسان الذى يرفض التشدد والتطرف والتزمت والانغلاق الدينى وفى نفس الوقت يرفض الجنوح ناحية المسكرات والمخدرات، ليظل كما يقول جمال حمدان: (الوسطية والتوازن والاعتدال سمات رئيسية عريضة فى كل جوانب الوجود المصرى)، وليظل المدخل الأول لبناء الإنسان هو (دفع الضرر مقدم على جلب المصلحة).