«دلاور»: أقترح إنشاء مجموعة تتبع «الرئاسة» لإدارة «أصول الدولة»
شريف دلاور
قال شريف دلاور، الخبير الاقتصادى، إن الإدارة فى شركات القطاع العام مكبلة بقيود قانونية ومحاسبية وإدارية تعوق العمل، مشيراً إلى أن هذه الشركات تعانى أيضاً من «نمطية اللوائح»، ومن أخطاء كبيرة فى تقييم الأداء. وأضاف «دلاور» فى حوار لـ«الوطن» أن طرح بعض شركات قطاع الأعمال فى البورصة لا يعنى بيعها، لافتاً إلى أن الدولة ستحصل على 80 مليار جنيه بعد طرح شركاتها فى البورصة وستستخدم هذا المبلغ فى عمليه التطوير.. وإلى نص الحوار:
الخبير الاقتصادى لـ«الوطن»: طرح بعض شركات «قطاع الأعمال» فى البورصة لا يعنى بيعها.. والدولة ستحصل على 80 مليار جنيه
كيف تقيّم اتجاه الحكومة لتطوير قطاع الأعمال العام؟ وهل من الممكن أن يحل القطاع الخاص محله؟
- أولاً هو اتجاه معتبر، وسيساهم فى زيادة موارد الدولة وزيادة الصادرات، لا سيما أن شركات وهيئات القطاع العام وقطاع الأعمال تمثل 25% من الاقتصاد المصرى، كما أن تطويرها سيساهم فى زيادة الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 5% على الأقل.
والحقيقة أن كل دول العالم بما فيها الدول الرأسمالية تنشئ قطاعاً عاماً، أو قطاع أعمال فى المشروعات التى لا يدخل فيها القطاع الخاص لأنها مكلفة ونسب المخاطرة فيها عالية، مثل «الاقتصاد الأخضر» والمشروعات التكنولوجية المتقدمة وصناعة البتروكيماويات، وربما لا يعرف الكثيرون أن شركة «آبل» للكمبيوتر كانت مدعومة من الحكومة الفيدرالية الأمريكية، ثم انتقلت ملكيتها بالكامل إلى القطاع الخاص بعد أن نجحت وأصبحت من أقوى الشركات فى العالم، كما أن الدولة تستخدم قطاع الأعمال والقطاع العام لعمل توازنات ديناميكية فى السوق، وعلى سبيل المثال افتتاح «شركة أسمنت بنى سويف» التى أنشأتها الدولة لمواجهة الاحتكارات فى هذا القطاع، ساهمت فى تقليل الأسعار بشكل كبير بمجرد الإعلان عنها.
دول رأسمالية كبرى مثل فرنسا وألمانيا فيها «قطاع عام» ناجح للغاية ويدر أرباحاً مهولة لميزانية الدولة.. والأزمة فى مصر «الإدارة»
يرى البعض أن «القطاع العام» يفشل دائماً بسبب البيروقراطية ولا بد أن يحل القطاع الخاص محله؟
- بالمناسبة هناك دول كبرى مثل فرنسا وألمانيا والصين فيها قطاع عام ناجح للغاية، ويدر أرباحاً مهولة لميزانية الدولة، علماً بأن فرنسا وألمانيا «دولتان رأسماليتان»، وهذا يدل على أن الأزمة فى مصر ليست فى شركات القطاع العام أو الأعمال، بل هى فى الإدارة.
كيف؟
- الإدارة فى القطاع العام مكبلة بقيود قانونية ومحاسبية وإدارية تعوق العمل، وتعانى هذه الشركات أيضاً من نمطية اللوائح، ومن أخطاء كبيرة فى تقييم الأداء، وأحياناً كثيرة لا نستطيع أن نفرق فى التعامل بين القطاع الخدمى والإنتاجى العام، ويجب أن نعلم أن شركات القطاع العام غير موجودة فقط تحت ولاية وزارة قطاع الأعمال العام، بل إن الأخيرة يقع تحت سيطرتها 8 شركات قابضة فقط، وهذه الشركات الثمانى تضم 121 شركة و299 شركة مشتركة، وهناك 60 هيئة اقتصادية فى مصر ليست كلها تحت سيطرة وزارة قطاع الأعمال العام، مثل «الموانئ والمطارات والقطارات والمترو»، وكل هذه الشركات الخدمية بها مشكلات وعليها ديون أيضاً، كما أن هناك شركات قطاع عام تتبع وزارة البترول، وشركات كهرباء تتبع وزارة الكهرباء، وهذا يعنى أن الدولة فى حاجة لأن تضع خطة شاملة لتطوير القطاع العام، وألا يكون مشروع التطوير مقتصراً على الشركات التى تحت ولاية وزارة قطاع الأعمال العام، كما علينا أن نطبق قواعد «الحوكمة» قبل البدء فى عملية الإصلاح الشاملة.
وماذا تعنى بقواعد «الحوكمة»؟
- هناك شركات قطاع عام يسرى عليها القانون 203 وهناك شركات تتبع القانون 159 للشركات، و20 شركة فى البورصة خاضعة للقانون 95، وفى تقديرى يجب أن تخضع كل هذه الشركات لقانون واحد ينظم عملها، ويقضى على كل العقبات التى تواجه مجالس إدارتها، حتى تستطيع هذه المجالس أن تعمل بدون أى قيود.
وكيف نواجه أزمة الشركات التى أصبحت عبئاً على الدولة ومن المستحيل تطويرها؟
- وزير قطاع الأعمال العام قال إن هناك 25 شركة «لا أمل فى إصلاحها» تكنولوجياً وإدارياً، وبالمناسبة هذا صحيح، وعلينا أن نعوض العاملين فى هذه الشركات مالياً أو نقوم بإعادة تدريبهم وإلحاقهم بشركات أخرى، كما أن هذه الشركات أصبحت محملة بالديون الكبيرة التى يجب دفعها سواء للضرائب أو البنوك أو الكهرباء.
25 شركة لا أمل فى إصلاحها تكنولوجياً وإدارياً.. و«مصر الجديدة» التى ستُطرح فى البورصة لديها أكبر «مخزون أراض» مقارنة بالشركات الأخرى
الحكومة أعلنت أنها ستطرح 23 شركة فى البورصة.. هل هذا يعنى بيع هذه الشركات؟
- غير صحيح طبعاً، فالحكومة من خلال طرح هذه الشركات فى البورصة ستحصل على 80 مليار جنيه لزيادة رأسمالها، وليس الهدف من الطرح هو البيع أبداً، فى الوقت الحالى على الأقل.
واجهنا فى الماضى مشكلات كبيرة بعد طرح شركات القطاع العام فى البورصة.. كيف نتفادى هذه المشكلات الآن؟
- أولاً، يجب ألا نطرح كل الشركات فى وقت واحد حتى لا يحدث تزاحم فى البورصة، والأسهم سعرها ينخفض، بل يجب التنسيق فى الطرح والعمل على التقييم الجيد من هذه الشركات، وأن يتوقف المسئولون عن الإدلاء بالتصريحات الإعلامية والصحفية التى تسببت فى خفض أسعار الأسهم فى البورصة خلال سنوات سابقة، ويجب أن نوضح للمتعاملين فى البورصة طبيعة عملية الإصلاح لكل شركة، وهل ستكون عملية التطوير عبر الشراكة مع القطاع الخاص أو عن طريق الإيجار أو حق الانتفاع، وكل هذا يجب أن يكون واضحاً، كما أن الهدف الأساسى من طرحها هو تحسين الأداء وزيادة رأس المال، ويجب ألا يكون الطرح بهدف تعويض العجز، فمثلاً «شركة مصر الجديدة» التى ستُطرح فى البورصة لديها أكبر مخزون أراض فى مصر مقارنة بالشركات الأخرى، وهنا يجب أن يكون التقييم موضوعياً ويشمل الأراضى، كما أن علينا مواجهة الخطأ الكبير الذى وقعت فيه الحكومات السابقة خاصة فى العصر الناصرى، حيث كانت تقوم الحكومة بتسعير بعض السلع تسعيراً اجتماعياً، أى بيع السلع بهدف توفيرها للمواطنين بأسعار رخيصة، وأقل من سعرها الحقيقى وبدون النظر للجدوى الاقتصادية، وإذا أردنا أن ندعم المواطنين فمن الممكن دعمهم مالياً عن طريق وزارة التضامن الاجتماعى.
هل ترى أنه من الأفضل ضم كل هذه الأصول القومية ضمن الصندوق السيادى لمصر؟
- نعم أفضل ذلك بدلاً من إدارة وزارة قطاع الأعمال العام لهذا الملف، فيجب أن تكون هناك إدارة محترفة استثمارية تتبع رئيس الجمهورية، أو مجلس الوزارة، لإدارة أصول الدولة بالمشاركة أو الإيجار أو المشاركة بالإدارة أو حق الانتفاع العام.
ما تقييمك لخطة الحكومة التى أعلنتها حول تطوير مصانع الغزل والنسيج؟
- الخطة الموضوعة لتطوير قطاع الغزل، حسب تقرير الشركة الأمريكية التى تشرف على العملية بالاشتراك مع وزارة قطاع الأعمال العام ووزارة الزراعة، وضعت مهلة قدرها 3 سنوات للانتهاء من التطوير، وأكدت أنها ستكتفى بنصف مليون قنطار من القطن طويل التيلة و2 مليون قنطار من قصير التيلة، بعد أن كانت المصانع تستهلك 2٫5 مليون قنطار من طويل التيلة، إلى جانب التطوير التقنى والفنى والإدارى، وهذا يعنى أن نوعية القطن المزروع جزء من التطوير.
وهنا أريد أن أطرح عدة أسئلة وهى: هل الشركة الأمريكية تهدف إلى خروجنا من السوق العالمية للقطن طويل التيلة وأن تحفز القطن طويل التيلة الأمريكى؟ أم أنها دراسة جدوى سليمة وهم حسنو النية؟ وهل كان من الممكن تطوير شركات الغزل وتحقيق قيمة مضافة مرتفعة باستخدام القطن طويل التيلة؟