قبل اتفاق بضمانة عربية.. خطوات إثيوبيا وإريتريا على طريق السلام
الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي مع رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد
بعد قطيعة دامت أكثر من 20 عاما بين البلدين جراء الصراعات، تدخل العلاقات الإثيوبية الإريترية مرحلة جديدة وتاريخية، بعد توقيع زعيمي البلدين "اتفاقا إضافيا" يساعد على تعزيز العلاقات الإيجابية بينهما وينهي العداء السابق، في جدة، بحضور العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد، والشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وأكد يماني جبر آب، مستشار الرئيس الإريتري، في تصريحات لشبكة "سكاي نيوز"، أن أسمرة وأديس أبابا قررتا طي صفحة الخلافات بينهما، حيث إن العلاقة بين البلدين قائمة على الشراكة والتكامل بينهما من أجل مصلحة الشعبين، مبديا تفاؤله بالمؤشرات الأولية حتى الآن.
وأضاف آب، في تصريحاته، أن المشكلة بين البلدين لم تكن حدودية، بل كان هناك بعض الأيادي الخارجية، فضلا عن الحكومات الإثيوبية السابقة التي شاركت في إحداث هذا الشرخ بالعلاقات، مشيرا إلى أن أزمة الحدود حلت بحسب ما جرى الاتفاق عليه بين البلدين.
وترجع الخلافات بين الدولتين إلى عام 1993، إذ استقلت إريتريا عن إثيوبيا، بعد حرب استمرت ثلاثة عقود، ولكن في 1998 اندلع صراع حدودي بين الدولتين، حول بلدة بادمي، خلفت نحو 100 ألف قتيل من الجانبين وآلاف الجرحى والأسرى والنازحين وأنفقت خلالها أكثر من 6 مليارات دولار، ثم تم قطع العلاقات الدبلوماسية منذ ذلك الحين، وقادت الجزائر وساطة بين البلدين، نتج عنها الموافقة على اللجوء إلى القانون الدولي بخصوص الأراضي المتنازع عليها، ولكن بعد صدور القرار رفضت إثيوبيا تنفيذه، مشترطة الدخول في مفاوضات شاملة مع الطرف الإريتري، وهو ما رفضته أسمرة بشدة.
ومنذ تولي آبي أحمد علي، رئاسة وزراء إثيوبيا، اتخذ على عاتقه توطيد علاقات أديس أبابا بالمنطقة، إذ أولى اهتماما بالخلافات مع أسمرة، وأعلن رغبته في إنهائها، خاصة بعد تأكيده الالتزام ببنود اتفاق السلام المبرم بعد الحرب، وفقا لما أعلنه في أول خطاب له أمام البرلمان عقب توليه منصب رئيس الوزراء، أبريل الماضي، وهو ما وصفه الأثيوبيين المتحمسين لاستعادة العلاقات بـ"انهيار جدار برلين"، كما أعلن الائتلاف الحاكم في إثيوبيا من جانبه موافقته على تنفيذ اتفاقية الجزائر.
وفي وقت لاحق، جدد أبي أحمد استعداده لقبول نقل تبعية منطقة متنازع عليها لحل أزمة الحدود، قائلا: "تجري مبادلة أراض بين البلدين، لكن ذلك لن يهم، لن توجد حدود بيننا لأن العلاقة بيننا ستقوى"، في خطوة رحبت بها أريتريا.
ليشهد يوليو الماضي، خطوة فريدة من نوعها بزيارة رئيس وزراء إثيوبيا لعاصمة إريتريا، في أول زيارة رسمية لمسؤول إثيوبي، منذ أعوام، وكان في استقباله رئيس إريتريا إسياس أفورقي، قبل أن يتوجها لإجراء محادثات سلام في القصر الرئاسي، تتناول العلاقات الثنائية وسبل حل الخلافات، إذ خرج آلاف المواطنين للترحيب برئيس الوزراء الإثيوبي، وزينت أعلام إثيوبيا شوارع أسمرة.
وفي يوليو الماضي، وقع الزعيمان إعلانا حول السلام، ينهي رسميا ذلك التاريخ من الخلافات، وبموجبه وافقت الدولتان على إعادة فتح سفارة كل منهما لدى الأخرى واستئناف الرحلات الجوية وتطوير الموانئ، كما أعيد العمل بالاتصالات الهاتفية بين البلدين، وتبادل زعيما البلدين الزيارات التي حظيت بحفاوة شعبية جارفة، كما جرى الاتفاق على خطوات شملت استئناف الرحلات الجوية وتطوير الموانئ.
وقبل أيام، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي سحب قوات بلاده من الحدود مع إريتريا، وهو ما نفذته أسمرة أيضا بالمثل، ضمن إجراءات من شأنها إزالة التوتر المزمن في العلاقات بين البلدين، إضافة إلى إعلان فتح السفارة الإثيوبية في أسمرة، وللمرة الأولى منذ 20 عاما، فتحت الدولتين حدودهم البرية للتجارة بينهما، الثلاثاء الماضي.
وساهمت عدة دول بجهود للمصالحة بين البلدين في الفترة الأخيرة، منهم السودان، والإمارات والسعودية، وضعت الأخيرتين لمساتها البيضاء لتطوي بنجاح صفحة سوداء بين إثيوبيا وإريتريا من خلال قمة ضمت الزعيمين في العاصمة أبوظبي، لتشكل هذه الجهود، التي ساهم فيها ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الشيخ محمد بن زايد، وبقيادة رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، انتصارا لدبلوماسية السلام، التي تقودها الإمارات والسعودية، وفقا لموقع "سكاي نيوز".
وأكد الشيخ محمد بن زايد آنذاك، أن الإمارات والسعودية داعمان أساسيان لكل جهد أو تحرك يستهدف حل النزاعات وتحقيق السلام والأمن والاستقرار بما يَصْب في مصلحة شعوب المنطقة وتعزيز منظومة الأمن الإقليمي والدولي، مشيرا إلى جهود الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي كان لها الأثر الطيب في استكمال المصالحة بين البلدين.
من جانبهما، أشاد الزعيمان بدور دولة الإمارات الرائد في تعزيز الأمن ودعائم الاستقرار وخدمة القضايا، التي من شأنها نشر السلام وترسيخ مفاهيم التسامح والحوار والتعايش بين شعوب ودول العالم، مثمنين جهودها الكبيرة للإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي الحيوية.