حكاية محمد عفيفي ضحية التنقيب عن الآثار في الأقصر
محمد عفيفي
"أنا حاسس أني هموت قبل ما تجوز يا أمي" كلمات كان يرددها "محمد عفيفي" صاحب الـ24 عاما على مسامع والدته الذي هو وحيدها، كانت "الست الصعيدية" تتلقى الكلمات كالصاعقة إلا أنها كانت "حَمولة" سريعة البديهة سرعان ما تُغير موضوع الحديث إلى آخر محاولةً إلهاؤه عن خيالاته الملازمة له.. صدقت توقعات "محمد" وتوفي في ظروف غامضة قبل أيام، وعُثر عليه جثة هامدة داخل منزل في نجع السوالم بقرية القرنة غرب الأقصر.
"الوطن" تواصلت هاتفيا مع "محمد عبدالرسول"، خال "محمد"، الذي قال إن "نجل شقيقته يعمل بالنقاشة وهو عائل والدته بعد انفصالها عن والده"، مضيفا أن "محمد" تعرف منذ عدة أشهر على شاب يُدعى "علاء" يعمل فى مجال الوساطة، وله نشاط فى التنقيب عن الآثار، وبدأ العمل معه فى التنقيب عن الآثار دون أن يُخبر أحدا من أسرته.
وتابع: "محمد خرج من المنزل، ظهر الأحد الماضي، وأبلغ والدته أنه سيتوجه لمقابلة علاء في أحد المقاهي، وكان هذا اليوم هو الأخير له بالمنزل، مع حلول المساء حاولت الأم الإتصال بإبنها لكن دون جدوى، صباح اليوم التالي، الإثنين، أبلغت الأم أشقاؤها بما حدث، لتبدأ رحلتهم بالبحث عن محمد، والتى انتهت بالعثور على جثته داخل منزل بالقرنة".
يقول عبدالرسول: "اتصلت بعلاء للإستفسار عن مكان محمد، وأخبرني أنه كان ينتظره أيضا ولم يحضر، ووصلت لواحد اسمه شنودة له نشاط فى التنقيب عن الآثار، واصطحبه وتوجها لمقابلة علاء".
يضيف: "إحنا قاعدين اتصل واحد اسمه الشيخ حمادة على علاء، وأنا خدت التلفون منه ورديت عليه وسألته على مكان محمد، وقالي أنه مات فى القرنة غرب الأقصر لأنه اتكهرب في موتور غاطس".
وأشار عبد الرسول إلى أن "علاء" حاول تهدئته، وأخبره أنه سيجري إتصالا بضابط شرطة، سيتمكن من مساعدة الأسرة فى إحضار الجثة ودفنها.
وزاد: "بعد شوية وصل ضابط فى المكان اللى إحنا فيه، اتعرفت عليه وركبت عربيته ومعانا واحد اسمه (محمود) شريك علاء، عشان نروح القرنة نجيب الجثة، لكن عند منطقة البعيرات طلبوا مني أنزل من العربية، واستناهم عشان مينفعش أروح المكان هناك".
ترجّل "عبدالرسول" من السيارة على مضض، لم يشأ أن يفتعل معهم مشاجرة، ليعودا له في النهاية ويخبراه أنهما فشلا فى إحضار الجثة، "قالولى هات عربية تلاجة الساعة 1 بالليل وإحنا نحطلك فيها الجثة".
عادوا جميعا إلى الكرنك، وتوجه عبدالرسول إلى مديرية أمن الأقصر، وأبلغ عن الواقعة، وأثناء تواجده هناك بصحبة عدد من أقاربه، تلقوا اتصالات من "علاء" و "الشيخ حمادة" يطلبان منهم إحضار سيارة لاستلام الجثة.
بدأت الأجهزة الأمنية في البحث وإجراء التحريات حول الواقعة، وتوجهت قوة أمنية بصحبة الأسرة إلى مكان الجثة، وذلك بعدما وصفها لهم "الشيخ حمادة" هاتفيا، حتى وصلوا إلى منزل من طابق واحد بنجع السوالم التابع لقرية القرنة، وهناك عثروا على الجثة منتفخة ودخلت مرحلة التحليل وتنبعث منها رائحة كريهة.
هرعت قوات الأمن إلى المكان وتم تحرير محضر بالواقعة، وانتقل فريق من النيابة العامة إلى مكان الحادث، وأمرت بانتداب الطب الشرعي لتشريح الجثة وبيان سبب وكيفية الوفاة.
أنهى "عبد الرسول" حديثه بقوله "نثق فى قضاء مصر والشرطة أدت دورها على أكمل وجه، ومدير الأمن استدعانى وطمأنني"، مؤكدا على شفافية التحقيقات.
وأضاف: "منعرفش الموضوع وصل إزاي للإخواني هشام عبدالله بقناة الشرق، ومطلبناش منه يتكلم بالنيابة عننا، إحنا واثقين فى أجهزة بلدنا ومتأكدين أن الحق لن يضيع".
المحامى ياسر أبو طامع، قال إن النيابة العامة حبست كل من "محمود" و"شنودة"، وأكد أن الضابط تم إيقافه عن العمل، بينما تمكن "علاء" و"الشيخ حمادة" من الهرب.
وأكد أبو طامع فى إتصال هاتفي لـ"الوطن"، أن أسرة "محمد" تثق فى القضاء النزيه، وفى الشرطة التى لم تتكاسل فى أداء دورها، مؤكدا أن "الجميع فى انتظار تقرير الطب الشرعي، والذي سيظهر الحقيقة كاملة ويوضح أسباب الوفاة هل هي وفاة طبيعية أم بفعل فاعل".